🗼 المهاجرون العرب غير النظاميين… تفاصيل رحلة تزوير الأوراق في فرنسا
#المهاجرون #العرب #غير #النظاميين.. #تفاصيل #رحلة #تزوير #الأوراق #في #فرنسا
[elementor-template id=”7268″]
المهاجرون العرب غير النظاميين… تفاصيل رحلة تزوير الأوراق في فرنسا
“الإخوة العرب المتواجدين بدون أوراق في أوروبا، يتوفر لدينا أوراق ثبوتية أورجينال نسخة طبق الأصل…”، و”أوراق أوروبية للعمل في الداخل الأوروبي”، و”استخراج أوراق أوروبية للعمل بها في الداخل الأوروبي”.
هذه العبارات وغيرها تنتشر كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي؛ فيسبوك وتلغرام وإنستغرام وغيرها، لمواكبة الأعداد الكبيرة للمهاجرين العرب غير النظاميين إلى أوروبا عموماً، وفرنسا على وجه الخصوص. عشرات الإعلانات على صفحات مختلفة وكثيرة تملأ العالم الافتراضي، لا يُعرف على وجه الدقة من يقف خلفها، وتتحدث عن إمكانية استصدار أوراق شخصية مزوّرة لمن وصل إلى أوروبا بطريقة غير نظامية، ولم يتمكن من الحصول على أوراق إقامة رسمية، كجواز السفر والهوية الشخصية ورخصة القيادة وبطاقة الإقامة وغيرها الكثير من الوثائق.
الحاجة أمّ التزوير
“عند وصولي إلى فرنسا، تقدّمت بطلب لجوء إلى المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية-أوفيرا. وبعد انتظار دام أكثر من عام، جاءني موعد لإجراء مقابلة اللجوء، ووصلني قرار الرفض بعد المقابلة بسبعة أشهر، لأن البلد الذي أتيت منه يُعدّ آمناً، ولا يوجد فيه خطر على حياتي. نصحني بعض الأصدقاء الجزائريين والمغاربة هنا بتقديم طعن، لكني كنت أعرف النتيجة مسبقاً، فهناك مئات بل آلاف من أمثالي، لم يحصلوا على حق اللجوء”؛ يقول أنور، في حديث إلى رصيف22، وهو شاب جزائري وصل إلى إسبانيا عبر “قوارب الموت”، ومنها انتقل إلى فرنسا عام 2020.
نتيجةً لرفض طلبه، لجأ أنور إلى متخصصين في تزوير الوثائق الثبوتية. يقول: “تواصلت مع بعض مزوّري الأوراق الثبوتية عبر فيسبوك، وقمت بتزوير أوراق إقامة، لكي يسهل عليّ البحث عن عمل، فلا أحد يقبل هنا بأن يشغّلك إذا لم تكن تملك أوراقاً رسميةً. وبطبيعة الحال فإن صاحب العمل، لن يدقق في مسألة ما إذا كانت الأوراق مزوّرةً أم لا. فهو قادر على التهرب من المسؤولية عند اكتشاف أمر هذه الأوراق بالقول إنه لا يعلم بأنها مزوّرة. وعموماً معظم المهاجرين يعملون في مطابخ المطاعم، أي أنهم في غالبية الوقت وفي أثناء عملهم، لا يراهم أحد، وأنا أقبل العمل من دون عقد عمل مكتوب، لكي لا يتم كشف أوراقي المزوّرة”.
يروي الشاب أن هذا الأمر سهّل على صاحب العمل تشغيله، إذ لا يجعله مضطراً إلى تسجيله في الضرائب والتأمينات وغيرهما من المؤسسات الفرنسية. والآن يعمل أنو في مطعم لبناني في ضاحية بوبيني شرق باريس منذ سبعة أشهر، وقريباً سيتقدّم بطلبٍ مرفقٍ بكشوف الراتب الذي يحصل عليه من صاحب العمل للبرفكتور -أو مبنى المحافظة- من أجل تقديم طلب للحصول على الإقامة.
ويمكن لأي أجنبي مقيم بطريقة غير شرعية في فرنسا، التقدم للحصول على تصريح إقامة مؤقت في البداية لمدة عام في حال استوفى عدداً من الشروط التي منها ألا يهدد الأمن العام في فرنسا، وأن يتحدث الفرنسية بشكل مقبول، وأن يكون لديه 24 “فيش دوبي” أو كشف راتب، أي أنه عمل لمدة عامين على الأقل في فرنسا، وذلك بناءً على التعميم الذي أطلقه وزير الداخلية الأسبق مانويل فالس، في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012.
غالبية من يريدون الحصول على هذه الأوراق المزوّرة، يعلمون أنها مزوّرة، وقد تسبب لهم مشكلات لا تُحمد عقباها في حال تم اكتشافها، إلا أنهم يحاولون الحصول عليها سعياً منهم إلى إصلاح أوضاعهم، إذ يؤكد المحامي المتخصص في قضايا اللجوء، طارق الحصني، برصيف22، أن “المقيمين بشكل غير شرعي يسعون إلى الحصول على كارت إقامة مزوّر من أجل توقيع عقد عمل بناءً عليه، حيث يوجد الكثير من أرباب العمل، خصوصاً أصحاب المطاعم الذين يقبلون بتوقيع عقود عمل للمهاجرين ممن يمتلكون كارت إقامة مزوّر. وفي حال اكتشفت الدولة أن الكارت مزوّر ينكرون معرفتهم بأنه مزوّر ويتحمل صاحب الكارت المسؤولية”.
يضيف: “الغاية من هذا الأمر بالنسبة للمهاجر هي الحصول على كشف راتب لمدة ستة أشهر على الأقل كون ذلك يسمح له بالتقدم للحصول على الإقامة المؤقتة ومدتها عام، وتالياً الحصول على أوراق نظامية والتخلص من المزوّرة”.
أما بالنسبة لمن يسعون إلى الحصول على رخص قيادة مزوّرة، فبحسب إحصائية غير رسمية، أكثر من يلجأ إلى ذلك هم مواطنو الدول التي ترفض فرنسا استبدال رخص القيادة الصادرة فيها بأخرى فرنسية. ولمعرفة ما إذا كانت رخصة القيادة الصادرة من بلدك مسموح لك باستبدالها بأخرى فرنسية، أم لا، يكفي وضع اسم بلدك في الأماكن المخصصة التي قامت الحكومة الفرنسية بوضعها من خلال الموقع الرسمي للإدارة الفرنسية. كذلك، من خلال الموقع الرسمي لشؤون الخارجية الفرنسية، يمكن أيضاً معرفة أسماء الدول تلك.
“تواصلت مع بعض مزوّري الأوراق الثبوتية عبر فيسبوك، وقمت بتزوير أوراق إقامة، لكي يسهل عليّ البحث عن عمل، وأنا أقبل العمل من دون عقد عمل مكتوب، لكي لا يتم كشف أوراقي المزوّرة”
أيضاً، تسمح الدولة لهم بالقيادة برخصهم طالما لم تنتهِ صلاحيتها، وذلك لمدة عام من تاريخ حصولهم على الإقامة. وتبقى المشكلة في رفض شركات التأمين تأمين سياراتهم من خلال رخصة القيادة الصادرة من دولة ليست عضوةً في الاتحاد الأوروبي، لذلك يلجؤون إلى شراء رخص مزوّرة وتأمين سياراتهم عليها، ويقودون من خلال رخص القيادة الخاصة ببلدانهم ريثما يستخرجون رخصةً فرنسيةً كون مسألة استخراجها أمراً مكلفاً للقادم حديثاً إلى فرنسا، وغالبية شركات التأمين تطلب صورةً عن رخصة القيادة الفرنسية، مما يصعّب مسألة كشفها.
أوراق نظامية بطريقة غير نظامية
اللافت في الأمر، أن المسألة هنا في فرنسا تعدت مسألة الأوراق المزورة لتصل إلى إمكانية الحصول على أوراق نظامية ورسمية بطريقة غير نظامية، مقابل عمولات مالية. وتُعدّ رخصة القيادة من أكثر الأوراق الرسمية التي من السهل الحصول عليها مقابل المال، ومن أكثر الأوراق التي يتم السؤال عنها والسعي إلى امتلاكها، خصوصاً بين أوساط المهاجرين الجدد.
تقول الشبكة الوطنية للمراكز المعتمدة للتدريب في أحد تقاريرها، إن من يلجؤون للحصول على رخصة قيادة مزوّرة، هم الأشخاص الذين تم سحب رخصهم لمدة معيّنة، بسبب مخالفات مرورية أو ممن لم يتمكنوا من اجتياز الامتحان النهائي للحصول على الرخصة. وبحسب الشبكة، تبلغ تكلفة الحصول على رخصة قيادة نظامية لكن بطريقة غير نظامية، ما بين 2،000 إلى 3،500 يورو، من دون أن يشير التقرير إلى جنسيات من يقومون بالتزوير أو الحصول على رخص القيادة بطريقة غير نظامية.
وبرغم محاربة الحكومات الفرنسية المتعاقبة وسعيها إلى القضاء على مسألة التزوير والغش والرشاوى للحصول على الأوراق الرسمية، إلا أن الأمر ما زال يتطلب المزيد من الجهد، ويصعب القضاء على مسألة استخراج الرخصة بطريقة غير نظامية.
تواصل موقع رصيف22 مع جعفر المصري (اسم مستعار للاجئ سوري ينحدر من ريف دمشق ويبلغ من العمر 34 عاماً وصل إلى فرنسا في الشهر الأول من عام 2019، ويقيم في مدينة “روين” غرب فرنسا)، للحديث عن تجربته في الحصول على رخصة قيادة بطريقة غير نظامية. يقول جعفر: “بعد حصولي على قرار اللجوء الخاص بي، طلبت من مكتب العمل أن يساعدني بتمويل للحصول على رخصة قيادة، إلا أنهم رفضوا لعدم وجود مشروع مهني واضح لدي.
ومن المعلوم في فرنسا، أن أي شخص عاطل عن العمل ومسجّل لدى مكتب العمل، يحق له ضمن شروط محددة الحصول على تمويل من مكتب العمل يبلغ في حدّه الأقصى نحو 1،200 يورو، ومن هذه الشروط أن تكون مسجلاً لدى مكتب العمل لفترة لا تقلّ عن ستة أشهر، وأن تكون باحثاً عن عمل، وأن تكون رخصة القيادة عائقاً أمام إيجادك عملاً، وألا يقلّ عمرك عن 18 عاماً.
ويضيف المصري: “بدأت بالسؤال والبحث عن شهادات القيادة المزوّرة، فتواصلت مع أصحاب بعض الصفحات الوهمية، ولفت انتباهي أن معظمهم يقيمون في تركيا من خلال أرقام الهواتف التي يعرضونها على تلك الصفحات، إلا أنني لم أقتنع بهذه الرخص كونها مزوّرةً بطريقة يسهل كشفها”.
ويتابع في حديثه إلى رصيف22: “بمحض الصدفة، وبتاريخ 20-01-2022، كان لدي موعد كنت قد حصلت عليه سابقاً مع إحدى مدارس القيادة في مدينة روين، للاستفسار عن الأوراق المطلوبة والإجراءات والمدة الزمنية، بالإضافة إلى التكلفة المادية وطريقة الدفع من أجل الحصول على رخصة القيادة. جلست مع مدير المدرسة، وهو فرنسي من أصول مغربية، وراح يخبرني عن الأوراق المطلوبة والإجراءات والتكلفة”.
ويروي أنه “عندما علم الرجل بأنني لاجئ سوري أعيش منذ فترة زمنية قصيرة في فرنسا، بدأ يحدّثني عن صعوبة الحصول على الرخصة من دون إتقان جيّد للّغة، بالإضافة إلى عدم توافر مواعيد قريبة من أجل دروس القيادة العملية وضرورة حفظ كل قوانين السير الفرنسية والتكلفة العالية في حال الفشل في الحصول على الرخصة من أول مرة. فقاطعته قائلاً: لكن أعلم من خلال تجارب أصدقائي أن الأمر ليس بالصعوبة التي تتحدث عنها، فقال لي: نعم كان الأمر أسهل في الماضي، إلا أن الوضع تغيّر الآن بسبب ازدياد أعداد الراغبين في الحصول على رخصة قيادة، ما يجعل الفترة الزمنية اللازمة للانتهاء من دروس القيادة العملية تصل إلى أكثر من ستة أشهر في بعض الأحيان”.
تنتشر شبكات التزوير في غالبية المدن الفرنسية، ويروي الكثير من الذين تواصلوا مع المزورين كيف يتم ترتيب اللقاء وكيف يحيطون نفسهم بالكثير من السريّة كي لا يتم كشف أمرهم، فما الطرق التي يستخدمونها؟
ويقول: “سألته مستفسراً: ألا يوجد حل ما للحصول على رخصة القيادة من دون هذه الصعوبات، ظنّاً مني وبناءً على نصائح أصدقائي، بأن بعض المدارس تقوم بتصعيب الأمر على الشخص بغية الحصول على سعر أعلى من السعر المتعارف كثمن لكل درس عملي. فقال لي إنه يوجد حل، لكنه رفض إخباري به وأعطاني رقم هاتف وطلب مني الاتصال بصاحب الرقم والتفاهم معه ولا زلت إلى الآن احتفظ برقم الهاتف واسم صاحب الرقم”.
وتبلغ تكلفة الدرس الواحد بحسب الشبكة الوطنية للمراكز المعتمدة للتدريب 41.98 يورو، لكن لا سعر رسمياً ثابتاً لساعة تعلم كيفية القيادة في فرنسا، إذ تتراوح الأسعار بين 35 إلى 60 يورو للدرس الواحد، حسب المدرسة ومكان وجودها؛ في مدينة كبيرة أو قرية صغيرة.
يكمل المصري روايته: “وبالفعل قمت بالاتصال بصاحب الرقم وعلمت منه أنه من أبناء الجالية السورية ويعيش في مدينة روين أيضاً، منذ مدة طويلة، ويعمل سمساراً لدى صاحب المدرسة مقابل عمولة محددة، فأخبرته عن لقائي بصاحب المدرسة وبأنه طلب مني أن أتصل بك، فقال لي: لا نستطيع الحديث عبر الهاتف ويجب أن نلتقي. وبالفعل التقينا في اليوم التالي في أحد المقاهي القريبة من محطة القطار الرئيسية Gare de Rouen وسط مدينة روين، وأخبرني عن الحل بشكل مباشر ومن دون مقدمات، وهو دفع مبلغ قدره 3،500 يورو، وهو رقم غير قابل للنقاش، مقابل الحصول على رخصة القيادة من دون أن أضطر إلى دراسة قانون السير في فرنسا، أو إجراء أي دروس قيادة عملية، إنما يكفي حضوري في يوم الامتحان المحدد وسيقوم الفاحص أو المسؤول عن إجراء الامتحان بمنحي نتيجةً إيجابيةً بمجرد القيادة لمسافة قصيرة”.
ويضيف: “أما عن طريقة الدفع، فيبقى المبلغ مع شخص ثالث موثوق من الطرفين إلى حين الحصول على الرخصة، وليست هناك مصلحة للمدارس في أن تنصب على العملاء لأنهم يريدون كسب زبائن، فكل شخص يكسبون منه نحو 2،000 يورو غير ثمن الرسوم الطبيعية ومن دون أن يضطروا إلى تدريبه لمدة طويلة، علماً بأن تكلفة الحصول على رخصة القيادة الفرنسية بطريقة نظامية وطبيعية تراوحت بين 1،040 و 1،300 يورو عام 2022، وتتضمن 20 درس تدريب عملي، ثمن الدرس الواحد 41.98 يورو، وخلال مدة زمنية لا تتجاوز الشهرين تشمل الدروس النظرية والعملية. وفي حال الفشل يمكن للمدرسة فرض 10 دروس إضافية على المتدرب مما يزيد التكلفة”.
ويختم المصري حديثه بأنه بعد سؤال أحد المحامين في فرنسا عن عواقب الأمر، وما يترتب عليه، صرف النظر عن الأمر، وقطع الاتصال بذلك الشخص.
… وبطريقة نظامية!
أبو حسان مواطن عراقي من بغداد يبلغ من العمر 47 عاماً، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى فرنسا مع عائلته في الشهر الثاني من عام 2018، ويقيم في مدينة غرونوبل الواقعة جنوب مدينة ليون.
يقول أبو حسان لرصيف22: “أعيش هنا في فرنسا منذ خمسة أعوام، وخلال هذه المدة لم تستطع زوجتي إتقان اللغة الفرنسية بسبب واجباتها المنزلية مع أطفالنا. طبيعة عملي في أحد المطاعم اللبنانية هنا في المدينة حتمت عليّ أن تكون لدى زوجتي سيارة من أجل توصيل الأطفال إلى المدرسة وشراء مستلزمات المنزل وغيرها. ولم تتمكن زوجتي من الحصول على الرخصة بطريقة نظامية لعدم إتقانها الفرنسية لذلك أصبحت مضطراً إلى أن أستخرج لها رخصة قيادة مقابل دفع مبلغ من المال لإحدى مدارس تعليم القيادة هنا في غرونوبل من دون أن تضطر إلى الذهاب إلى مدرسة تعليم القيادة. وبالفعل بعد إرسال الأوراق المطلوبة للمدرسة ودفع قسم من المبلغ وخلال عشرين يوماً، أرسلت لنا المدرسة نتيجة الامتحان النظري إلى المنزل عبر البريد، وتظهر صورة الكود والنتيجة للتأكد فقط”.
ويتابع: “من المعروف هنا في فرنسا أن بإمكان أي شخص يرغب في استخراج رخصة قيادة، أن يشتري كتاباً لتعلم القيادة ويقوم بدراسة قانون السير في المنزل، ومن ثم يقوم بتقديم الامتحان النظري في أحد مراكز البريد التي توفر هذا النوع من الخدمات. وبعد حصوله على النتيجة، يذهب إلى مدرسة تعليم القيادة للحصول على دروس عملية وإجراء الامتحان العملي بإشراف المدرسة، ويلجأ الناس إلى مثل هذا الأمر لتقليل التكلفة عليهم، حيث يبلغ متوسط سعر كتاب تعليم القيادة ما يقارب 17 يورو، وقد يختلف السعر حسب دار نشر الكتاب، وحسب الكتاب نفسه، إذ ليس هناك كتاب محدد. وتبلغ كلفة الامتحان حسب التعرفة الرسمية 30 يورو، ويمكن أن تصل إلى 45 يورو حسب مركز الامتحان”.
أما في المدرسة، فيضطر إلى أن يدفع لقاء كل ساعة تعليم نظري 40 يورو، وهنا المدارس تفرض على الشخص ما لا يقلّ عن 10 ساعات نظرية، لذلك يلجأ الناس إلى الدراسة في المنزل والتعلم من قنوات اليوتيوب بدلاً من التسجيل في المدرسة للحصول على دروس نظرية وعملية”.
ويضيف: “بالفعل خلال شهر وعشرة أيام، وصلنا موعد من البرفكتور أو مجلس المحافظة في مدينة غرونوبل، كون المدرسة تقوم بإرسال بيانات المتدرب بعد نجاحه إلى مبنى المحافظة من أجل طباعة رخصة القيادة وإعطائه إياها، كما هو معمول به هنا في فرنسا وفق القانون. وبدوره مبنى المحافظة أعطانا موعداً للذهاب واستلام الرخصة.
ويختم أبو حسان حديثه إلى رصيف22، قائلاً: “بلغت تكلفة الحصول على رخصة القيادة بهذه الطريقة 3،850 يورو، موزعة على الشكل التالي: 1،200 ثمن الكود النظري، و2،650 ثمن النتيجة العملية متضمنةً تكلفة ساعات التعليم العملية والأجور. أما بالنسبة إلى المبلغ المدفوع للمدرسة فالضمانة بالنسبة لي أنني أثق بالشخص الذي يعمل مع المدرسة كونه عراقياً مثلي، وتجمعنا صداقة، وإجمالاً هناك أساليب مختلفة لضمان المبلغ المدفوع”.
وللتأكد أكثر، تواصل رصيف22 مع أكثر من مزوّر أوراق ثبوتية في أكثر من مدينة فرنسية وتتبعنا كيفية عملهم، والتي كانت مطابقة إلى حد كبير للروايات التي أدلى بها المهاجرون غير النظاميين في خلال إعدادنا للتحقيق.
تلاعب بالأسعار والمواعيد وإقفال مدارس
الجمعية الوطنية لحماية حقوق المستهلكين والمستخدمين CLCV، نشرت عام 2019، نتائج تحقيق أجرته في 45 مقاطعةً فرنسيةً لدراسة تعاملات 665 مدرسة قيادة. وقد كشف التحقيق عن حقائق لا تدع مجالاً للشك في خصوص التباينات الكبيرة في الأسعار التي تطبّقها هذه المدارس، وأيضاً في نسب النجاح التي تتفاوت بشكل معتبر. وأضافت الجمعية أن التلاعب بالأسعار والمواعيد وغيرها فرصة مناسبة لبيع رخص القيادة والاتّجار بها، فبخصوص الأسعار تم اتخاذ أحد العروض الأكثر انتشاراً كمعيار للمقارنة، وهي صيغة -تعلم قانون المرور بالإضافة إلى عشرين ساعة قيادة، وكانت الفروق تصل إلى ضعف السعر الرسمي. ففي حين رُصِد ثمن 699 يورو في مدرسة في مدينة ليل للصيغة المذكورة، تبيّن أن مدرسة قيادة باريسية تقترحه بـ1،700 يورو.
وللتأكد أكثر، تواصل رصيف22 مع أكثر من مزوّر أوراق ثبوتية في أكثر من مدينة فرنسية وتتبعنا كيفية عملهم، والتي كانت مطابقة إلى حد كبير للروايات التي أدلى بها المهاجرون غير النظاميين في خلال إعدادنا للتحقيق
بالإضافة إلى مشكلة السعر، فإن التحقيق بأظهر أن 14% من مدارس القيادة لا تضع لافتات أسعار على الواجهة، وهو أمر إجباري حسب القانون. وحين يتم إشهار الأسعار، ففي كثير من الأحيان تكون المعلومات ناقصةً، وهو أمر مؤسف جدّاً حسب مسؤول من الجمعية.
كما لفتت الجمعية النظر إلى التباينات في معدلات النجاح في امتحان القيادة، وهي مشكلة حقيقية. فبعد التقدّم للامتحان للمرة الأولى، تصل نسبة النجاح في مقاطعة لوزير، إلى 76.3%، مقابل 47.5% فقط في باريس، وهو أمر غير طبيعي بالنسبة إلى امتحان ذي طابع وطنيّ.
وكانت السلطات الفرنسية قد أعلنت منتصف العام 2021، أنها قامت بإغلاق عدد من مدارس القيادة في فرنسا، وصادرت عدداً كبيراً من رخص القيادة التي تم استخراجها عن طريق هذه المدارس بطريقة غير نظامية مقابل عمولات مالية، بالإضافة إلى اعتقال المتورطين الذين قالت السلطات الفرنسية إن قسماً منهم من أصول غير فرنسية، بالإضافة إلى بعض الموظفين الفرنسيين بسبب منحهم رخص قيادة مقابل عمولات مالية أو مساعدتهم للراغبين في الحصول عليها في أثناء الامتحان.
المحامي والمستشار القانوني في قضايا اللجوء في فرنسا باسم سالم، أكد لموقع رصيف22، أن عقوبة تزوير الأوراق الثبوتية في أوروبا تختلف حسب الجهة التي يُفترض أنها أصدرت الوثيقة؛ فإذا كان المستند يحمل شعار هيئة حكومية، أو مستنداً عادياً مثل شهادة أو تصريح ضريبي أو غيرهما، فإن العقوبة تصل إلى سنة ونصف سجناً، مع دفع غرامة قيمتها خمسة عشر ألف يورو. أما في حال كان المستند يسبب ضرراً لهيئات أو أشخاص آخرين، فتتم زيادة العقوبة إلى ثلاث سنوات سجناً، وغرامة قدرها خمسة وأربعون ألف يورو. أما بالنسبة إلى حيازة الأوراق المزورة، مثل شهادات الإقامة ورخص القيادة أو غيرها من دون استخدامها، فيعاقب عليها القانون بالسجن لمدة سنتين، وغرامة تبلغ ثلاثين ألف يورو.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
المهاجرون العرب غير النظاميين… تفاصيل رحلة تزوير الأوراق في فرنسا
أقراء أيضا
[elementor-template id=”7272″]
المصدر : منتوف ومواقع انترنت 👇المهاجرون العرب غير النظاميين… تفاصيل رحلة تزوير الأوراق في فرنسا
المهاجرون العرب غير النظاميين… تفاصيل رحلة تزوير الأوراق في فرنسا
إرسال التعليق
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.