🟢 #لماذا #ودع #جوني #ديب #شخصية #جاك #سبارو #بكل #هذا #الأسى #منتوف #MANTOWF
[elementor-template id=”7268″]
لماذا ودّع جوني ديب شخصية جاك سبارو بكل هذا الأسى؟
في إحدى قاعات المحكمة بولاية فيرجينيا بالولايات المتحدة، عُقدت جلسات المحاكمة بين الممثلين جوني ديب وأمبر هيرد، الزوجين السابقين اللذين غدوا خصمين يتبادلان الاتهامات العلنية، منها الصحيحة والباطلة. لكن نزاعهما القضائي لم يكن وليد اليوم أو الأمس، إذ بدأ عام 2019 عندما رفع ديب قضية ضد طليقته بتعويض 50 مليون دولار عن تشهيرها به في مقال نشرته الواشنطن بوست، لترد أمبر بدعوى مضادة مطالبة بتعويض مضاعف.
انشغل الرأي العام بتحري القضية ومجرياتها المفاجئة التي تكشفها لنا الأيام تباعا حتى غدت نهايتها وشيكة، ونتوقع بالطبع أن يتسبب ذلك في جدل شديد، لكننا في الحقيقة نود أن نتجاهل ذلك كله، لنركز في شكل شخصية ديب المحببة بتمثيلاتها. ففي محنته الممتدة، صرح الأخير بنبرة خفيضة يختلط فيها الاهتياج بالجزع بأن إحدى خساراته العميقة هي منعه من تمثيل شخصية الكابتن جاك سبارو، التي ساهم بشكل جوهري في بنائها من الألف إلى الياء على حد تعبيره، وحازت شهرة لا يستهان بها في أفلامه “قراصنة الكاريبي (Pirates of The Caribbean)” وذلك بعد أن باتت سمعته على المحك. يقول ديب في أحد تصريحاته بالمحكمة: “كل الممثلين يعملون بجهد على بناء شخصياتهم، لكنني وضعت الكثير من نفسي في جاك سبارو، لا أفهم لماذا بعد كل هذا الجهد، وكل هذا العمل، تخلصوا منّي فجأة بلا رحمة!”.
ما الخيط الرفيع الذي يربط بين ديب وسبارو؟
نفض جوني ديب غبار النمطية التي كبلت شخصية القرصان في السينما برومانسية زائفة كتلك التي مثلتها لوحة الفنان الأميركي جان ليون جيروم فيريس “الكابتن كيد في ميناء نيويورك”(1)، إذ يتخم التاريخ بقراصنة حقيقيين اعتاشوا على النهب والتدمير والقتل. أعاد ديب تقديم قرصانه بتمرد يليق بكينونته، فأحل نفسه من بعض قيود السيناريو، ووضع جزءا من شخصيته هو كعنصر جوهري في الشخصية الواقفة على الشاشة، بذلك الفعل جازف ديب بدوره، مقدما في الأيام الأولى في التصوير أداء مغايرا تماما عما أراده المنتجون في “ديزني”، لذا اعتبروا ما شاهدوه ضربا من الثمالة أو الجنون.
من تلك الزوبعة، وبعد كثير من الجدل، ظهر الكابتن جاك سبارو، وتقرر -كما حكم ديب- أنها شخصية نشأت وشبّت في أعالي البحار على متن سفينة متحركة، وهو ما تخبرنا به لغة جسد سبارو على السفينة وهو يبارز برقصته المترنحة قراصنة دون أن يفقد خيلاءه أو اتزانه، وحينما ينزل بقدميه على الأرض يصبح متذبذبا يتهادى بخطواته السكيرة، متجها كما يبدو صوب المجهول.
بهذا يعلن جوني ديب انتماءه -ربما دون أن يدري- إلى أحد أوتاد المدرسة الأسلوبية في التمثيل، والتي تتخذ من ذات الممثل مرجعية لها في تمثيل الشخصية، إلى حد قد يبعثر الرسم الخاص بها. يعتمد في ذلك على ما يسمى بالذاكرة الانفعالية، وهي ضرب من الارتكان على سريره الممثل جاعلا من الحالة الذهنية والشعورية له الخط الذي يسير عليه أداء الشخصية.
ومن باطن مادة مظلمة استخرجت أخرى فكاهية، لا تبعث هيئة القرصان فيها على الوجل كما خلد في اللوحات الفنية. ففي عمل آخر لجان ليون جيروم فيريس يصور مشهدا من المواجهة الأخيرة بين إدوارد تيك -الذي عرف في وقته باسم القرصان بلاكبيرد- ورجال البحرية البريطانية. يبث ذلك المشهد الرعب، ويشبهه ضمنيا مشاهد القتال في أفلام قراصنة الكاريبي، مع فارق واحد، وهو أن الشخصية الرئيسية هنا -جاك سبارو- تُقصي شبح الهلع بإيماءاتها ومزحاتها التي يلقيها سبارو في المآزق ودهائه في مواجهة خصومه وطريقة إفلاته منهم.
حيّ الكابتن بأفضل ما يمكنك
تتطور شخصية جاك سبارو وتنضج خلال الأجزاء وتتضح معالمها، وينقشع الضباب الذي ملأ افتتاحية بداية الجزء الأول بعد أن تتقاطر الذكريات التي يسترجعها الكابتن سبارو كل حين، فنستنبط منها حقيقته والدوافع التي تحركه. يعضد من قوة رسم الشخصية أنها تظهر تناقضا لا يبعث على الربكة بقدر ما يظهر واقعيتها، مع تماشيها مع أنماط شخصية خيالية، كزوربا اليوناني التي أسرها الكاتب نيكوس كازانتزاكيس في إحدى رواياته.
يبدو كل من زوربا والكابتن سبارو رغم الهوة العمرية بينهما في دواخلهم أحرارا تسوقهم أهواؤهم أو منافعهم الشخصية متحَدّين في ذلك السلوك السائد ومتمردين على أي أنظمة أخلاقية يحتكم الناس إليها، فيفعل كل منهما ما شاء وقتما وكيفما ناسبه الأمر، يتواءم ذلك مع اعتراف كاتبَي الفيلم تيري روسيو وتيد إليوت بأن الكتابة عن قرصان هو بمثابة الكتابة عن الحرية.
بيد أن القراصنة الآخرين في السلسلة ليسوا سوى أسرى بشكل أو بآخر، فطاقم البحرية البريطانية الذين قد تشعر أنهم خرجوا توا من أحد أعمال جاك فيريس، يحتم عليهم الامتثال لأوامر قائدهم(2)، بينما حطت لعنة قديمة على طاقم السفينتين، باربوسا ودافي جونز، لتصاحب أصحاب السفينة الأولى نزعة إلى الشره، وتضرب في أصحاب السفينة الثانية رغبة عارمة في الخلود أسقطوا معها هوياتهم وحريتهم، فباتوا جزءا من السفينة كالصدأ الذي تآكلها.
وحده سبارو من حطم تلك الأغلال، وعبر أجزاء خمسة رفض سبارو تعريف نفسه والاصطفاف ضمن مجموعة محددة، ليُبرز ولاءه الوحيد المتمثل بالدفاع عن هويته الشخصية، وهو ما يتجلى في أدق التفاصيل، كحرصه على أن يناديه الآخرون بالكابتن، وتشبثه ببوصلته التي لا ترشده، لكنها تشي بأن سبارو غير منتمٍ لمكان، ولا يطمح إلى شيء ثابت، بقدر ما تغويه الحرية التي يفتش عنها في مساعيه كسفينة اللؤلؤة السوداء.
البطل التقليدي
من تلك النقطة، يضرب سبارو بعرض الحائط الأصول التقليدية لرحلة البطل المتفق عليها، فما من هدف نبيل يتطلع إليه، وما من مطمح يقوده بقدر استرداد سفينته. كما لا يشبه سبارو أبطال العصر الحديث، العاديين الذين يتحولون إلى استثنائيين شيئا فشيئا كهاري بوتر. فما من شيء فيه مألوف تماما، وما من رحلة يمر فيها البطل بنقطة تحول، تذوب في قصة سبارو لتقتصر البطولة في ألا يتغير، أو يذعن للضغط القائم عليه ليكون نسخة مقاربة للجميع، ويجاهد للبقاء كما هو دون أن يخسر نفسه، وذلك فقط موطن تفرده.
لذلك أحب الناس سبارو في مقابل ويل تيرنر من السلسلة نفسها، امتلك الكابتن غرابة الأطوار وحس الفكاهة، وغاب عنه ما يمتلكه تيرنر من مقومات الجاذبية والشرف والإقدام والنبل، ولاح تناقضهما واختلافهما في أكثر من موقف. ورغم أن الجمهور ينحاز عادة للأوسم، لم تجد شخصية تيرنر القبول الذي نالته شخصية جاك سبارو.
أما بصريا، فقد رأى ديب في شخصية الكابتن سبارو مزيجا غريبا بين نجم موسيقى الروك آند رول كيث ريتشاردز، وبيبي لا بيو ( Pepé Le Pew)، وهو كارتون قديم لشركة وارنر براذرز(3) عن ظربان فرنسي يتجول في أنحاء باريس بحثا عن الحب، تنفّر رائحته الجميع، لكنه لا يقبل الرفض ويظن أن الفتيات يتعلقن به حتى لو قمن بإبراحه ضربا.
تحت الظل.. خلف القناع
أشار جوني ديب في أحد حواراته أن أداءه لشخصية الكابتن سبارو يمده بشعور بالأمان، ربما لأنها باتت تمثل لديه ما هو أقرب للبرسونا، والبرسونا -طبقا لعالم النفس “كارل يونغ”- “هو القناع الذي نرتديه طوال الوقت لنمنح الآخرين انطباعا بعينه عن أنفسنا، ولنخفي وراءه حقيقة ذواتنا”، على الأرجح اتخذ ديب قناعا هادئا طويلا، خجولا وانطوائيا إلى حد ما، إلى أن التحم بقناع الكابتن سبارو.
أمده سبارو بطلاقة لم يعهدها غطت على جانبه الدفين الذي عانى من علاقة مسيئة في صغره على يد والدته، ومن متلازمة توريت (خلل عصبي وراثي يظهر منذ الطفولة المبكرة وتظهر أعراضه على شكل حركات عصبية لاإرادية تصحبها متلازمات صوتية متكررة)، وإدمانه المبكر للكحول والممنوعات(4)، وشغفه بالموسيقى، وجميع التجارب التي خلّفت رواسب عميقة.
يسمي يونج البرسونا بالظل، وهو الجزء المستتر فينا الذي نواري فيه أسوأ ما فينا، وكل ما نخجل منه أو نأبى الإقرار به، كل شظية من شخصيتنا أو ماضينا تثير فينا الاضطراب، فندفنها في أعماقنا وراء أقنعة البرسونا المقبولة اجتماعيا ونتظاهر بعدم وجودها على الإطلاق. عند هذا الحد يكون سبارو جزءَا ستار جوني ديب اللذين يفصلانه عنا، وأيضا هو جزء من صيرورته. في نهاية حديثه عن السلسلة بالمحكمة، يقول ديب: “كان الأحق أن تحظى هذه الشخصية وهذه السلسلة على الأقل بوداع لائق”.
—————————————————————————————————
المصادر:
- The 7 Most Notorious Pirates Of All Time – WorldAtlas
- (97) captin jack sparrow radical leading man – YouTube
- Johnny Depp: Captain Jack Sparrow was inspired by a flirtatious skunk | Metro News
- Johnny Depp says ex-wife’s abuse allegations were ‘sick’ as libel case begins – CNN
لماذا ودّع جوني ديب شخصية جاك سبارو بكل هذا الأسى؟
أقراء أيضا
افضل 40 تطبيق أندرويد مجانا بأداء خرافي
[elementor-template id=”7272″]
المصدر : منتوف ومواقع انترنت 👇لماذا ودّع جوني ديب شخصية جاك سبارو بكل هذا الأسى؟
لماذا ودّع جوني ديب شخصية جاك سبارو بكل هذا الأسى؟
إرسال التعليق
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.