جاري التحميل الآن

الشرع في الإمارات.. هل تنجح سوريا في كسر الحصار؟

الشرع في الإمارات.. هل تنجح سوريا في كسر الحصار؟

في خطوة دبلوماسية بارزة من نوعها بعد التحول السياسي الكبير في سوريا، توجّه الرئيس السوري أحمد الشرع في زيارته الأولى إلى دولة الإمارات العربية المتحدة يوم الأحد 13 أبريل 2025، في زيارة رسمية تحمل أبعاداً سياسية واقتصادية وإنسانية، وتندرج ضمن جولة إقليمية تهدف إلى حشد الدعم لسوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

ملامح السياسة الخارجية الجديدة

تسعى القيادة السورية الجديدة، بقيادة الرئيس الشرع، إلى رسم معالم سياسة خارجية تقوم على إعادة تموضع سوريا إقليمياً ودولياً، وكسر العزلة التي فُرضت عليها خلال السنوات الماضية.

وفي هذا السياق، تأتي زيارة الإمارات كجزء من استراتيجية تهدف إلى تحقيق أهداف رئيسية:

أولاً: رفع العقوبات الدولية

تسعى سوريا إلى رفع العقوبات الغربية والأميركية المفروضة عليها، والتي شكّلت عائقاً كبيرًا أمام تعافي الاقتصاد السوري، وأثّرت بشكل مباشر على معيشة المواطنين. وتطمح القيادة الجديدة إلى بناء شراكات تعيد الثقة الدولية بالواقع السوري، وتفتح أبواب التعاون الاقتصادي والتجاري.

ثانياً: تقارب مع الدول الخليجية

تسعى سوريا إلى تعزيز علاقاتها مع الدول الخليجية، وعلى رأسها الإمارات والسعودية، بهدف إعادة دمجها في النظامين الإقليمي والدولي. ويُنظر إلى هذه العلاقات باعتبارها مفتاحًا لإعادة بناء الثقة وتدفّق الاستثمارات، وتطبيع العلاقات السياسية والاقتصادية بعد سنوات من التوتر والانقطاع.

السيناريوهات المتوقعة.. بين الآمال والتحديات

لا تزال نتائج هذه الزيارة غير محسومة، لكن السيناريوهات المحتملة تتراوح بين الانفراج الحذر والتحول الجذري، ومن أبرز هذه السيناريوهات:

1- تقديم تنازلات سياسية

قد تضطر سوريا إلى تقديم تنازلات تتعلق بالتطبيع مع إسرائيل بمساعدة إماراتية، مقابل الحصول على دعم اقتصادي ورفع العقوبات الدولية. تشير التحليلات السياسية إلى أن زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى دولة الإمارات العربية المتحدة قد تتضمن تقديم تنازلات سياسية، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل.

ففي مقابلة مع مجلة “الإيكونوميست”، أكد الشرع التزام سوريا باتفاق عام 1974 مع إسرائيل، واستعدادها لاستقبال قوات الأمم المتحدة لفض الاشتباك في هضبة الجولان المحتلة، مشدداً على ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة.

من جهة أخرى، أعرب مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، عن تفاؤله بإمكانية انضمام سوريا إلى اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، مشيراً إلى “تغييرات عميقة” تحدث في المنطقة.

كما توقّعت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل وسوريا خلال السنوات القادمة.

هذه التصريحات تشير إلى أن سوريا قد تكون مستعدة لتقديم تنازلات سياسية، مثل الالتزام باتفاقيات فض الاشتباك وفتح قنوات تواصل غير مباشرة مع إسرائيل، مقابل الحصول على دعم اقتصادي ورفع العقوبات الدولية.

ومع ذلك، لم تصدر عن دمشق مواقف رسمية واضحة بشأن التطبيع مع إسرائيل، مما يترك الباب مفتوحًا أمام التكهنات حول مستقبل العلاقات بين البلدين.

2- استقبال لاجئين فلسطينيين: ورقة سياسية أم مبادرة إنسانية؟

أثارت تقارير إعلامية إشاعات حول نية الحكومة السورية بناء مخيمات لاستقبال لاجئين فلسطينيين من غزة، إلا أن السلطات السورية نفت رسمياً هذه المزاعم، مؤكدة عدم وجود خطط لإنشاء مخيمات في حلب أو غيرها.

تأتي هذه الإشاعات في سياق الجدل حول الدور الإقليمي لسوريا بعد الحرب على غزة، وسط تساؤلات عن مدى استعدادها لتحمّل أعباء لجوء جديدة في ظل التحديات الاقتصادية والإنسانية القائمة.

3- تعزيز التعاون الاقتصادي

من المحتمل أن تسفر الزيارة عن توقيع اتفاقيات اقتصادية جديدة تُسهم في دعم الاقتصاد السوري المتعثّر، خاصة في مجالات الطاقة، وإعادة الإعمار، والتجارة الحرة.

انتقادات وتحفظات

رغم الطابع الإيجابي المعلن للزيارة، تواجه هذه التحركات انتقادات من بعض الأطراف السياسية والشعبية، التي ترى أن سوريا قد تقدم تنازلات على حساب القضية الفلسطينية، خاصة في ظل تقارير إعلامية تتحدث عن تعاون إماراتي-إسرائيلي لإدارة قطاع غزة بعد الحرب، وهو ما يثير مخاوف من تطبيع غير معلن يمر عبر البوابة الإنسانية.

سوريا الجديدة: توازن دقيق بين الداخل والخارج

تأتي زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى الإمارات في وقت حرج، تسعى فيه سوريا إلى إعادة بناء علاقاتها الإقليمية والدولية، وتحقيق استقرار اقتصادي وسياسي يعيد الأمل للسوريين في الداخل والخارج.

في ختام الزيارة، أعرب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن دعم بلاده لاستقرار سوريا، مؤكداً أن “استقرار سوريا وتعزيز أمنها هو مصلحة للمنطقة كلها”، وأن الإمارات “لن تدخر جهدًا في تقديم كل ما تستطيع من دعم إلى سوريا وشعبها الشقيق خلال الفترة المقبلة”.

من جانبه، وجّه الرئيس الشرع رسالة شكر إلى الشيخ محمد بن زايد، أعرب فيها عن بالغ تقديره لما لمسه من حرص كبير على تعزيز العلاقات وتطويرها في مختلف المجالات، مؤكدًا أن ما قدمته الإمارات من حفاوة استقبال وحرص على دعم سوريا يعكس عمق العلاقات الأخوية.

كما صرّح وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، بأن الزيارة “حققت إنجازات عظيمة”، خاصة في مجالات الاستثمار، واستئناف حركة الطيران، وتعزيز العلاقات الثنائية في كافة المجالات.

تأتي هذه التصريحات لتؤكد على التزام الطرفين بتعزيز التعاون المشترك ودعم استقرار سوريا في المرحلة المقبلة.

وأخيراً، تمثل زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى الإمارات خطوة مهمة في إعادة بناء العلاقات السورية مع محيطها العربي. الزيارة تضمنت تعزيز التعاون في مجالات عديدة: الاقتصاد، والاستثمار، وإعادة الإعمار، إلى جانب دعم الاستقرار السياسي.

ورغم التحديات، فإن التصريحات الرسمية تؤكد وجود رغبة حقيقية في دعم سوريا بعد الحرب.

ويبقى السؤال: هل ستلعب الإمارات دوراً بارزاً في إعادة سوريا إلى الحضن العربي ودعم إعادة إعمارها، مع إزالة العقوبات عنها؟

تبقى هذه الزيارة محطّ أنظار العديد من الأطراف، التي تترقب نتائجها وتأثيراتها على الوضع السوري والمنطقة ككل، ومدى قدرة الإمارات على المساهمة في تحقيق هذا التحول.

 

#الشرع #في #الإمارات. #هل #تنجح #سوريا #في #كسر #الحصار

المصدر : مقيم أوروبا ومواقع انترنت وغوغل👇

قد تهمك هذه المقالات