جاري التحميل الآن

مراحل متقدمة وتحضيرات ميدانية جارية

مراحل متقدمة وتحضيرات ميدانية جارية

مراحل متقدمة وتحضيرات ميدانية جارية

يواصل ناشطون وتجار وصناعيون بالتعاون مع مكتبي الفعاليات والشباب في إدارة الشؤون السياسية بمحافظة حلب الاستعدادات لإطلاق مبادرة مجتمعية واسعة بعنوان “الوفاء لحلب”، في الثاني من أيار/مايو المقبل، بهدف معالجة آثار الدمار الذي خلّفته حرب النظام المخلوع على أحياء المدينة خلال سنوات الثورة السورية.

وتركز المبادرة على تحسين البنى التحتية الأساسية، وتعزيز مستوى الخدمات العامة عبر جهود تطوعية مستقلة انبثقت من حاجة ملحّة فرضها الواقع الخدمي المتدهور، إذ تعتزم الحملة تنفيذ حملات نظافة شاملة، ورش المبيدات الحشرية، وإعادة تأهيل شبكات الصرف الصحي والكهرباء، بالتوازي مع تنظيم أنشطة توعوية وصحية لرفع مستوى الوعي البيئي في الأحياء المتضررة، مع تأكيد على إشراك المجتمع المحلي في مختلف مراحل التنفيذ لإعادة بناء ما دمرته سنوات الحرب.

مسح ميداني لتوجيه الحملة

وبحسب مسؤول العلاقات الإعلامية في حلب، وأحد القائمين على حملة “الوفاء لحلب”، معتز خطاب، فإن منسقي الحملة بالتعاون مع عدد من المنظمات المحلية، أعدّوا مسحاً ميدانياً لتقييم الاحتياجات الطارئة للأهالي، وهو ما وفر قاعدة بيانات دقيقة ساعدت الحملة على توجيه جهودها نحو المشاريع الأكثر إلحاحاً.

وأوضح خطاب في حديثه لموقع تلفزيون سوريا أن حملة “الوفاء لحلب” ترتكز على دعم قطاعات حيوية، أبرزها مشاريع البنية التحتية التي تشكل العصب الحيوي للمدينة، مشيراً إلى أن الحملة تنسق بشكل مباشر مع مؤسسات الدولة لضمان التكامل مع الخطط الرسمية الموضوعة لإعادة الإعمار، مؤكداً أن الحملة ستسير ضمن رؤية مدروسة تضع احتياجات السكان في مقدمة الأولويات.

وأشار إلى أن الحملة فتحت باب التطوع أمام جميع شرائح المجتمع، وتضمنت أنشطة متعددة، مثل إعادة تأهيل المباني المتضررة، وتنظيم ورشات للتوعية الصحية والنفسية، وإطلاق حملات نظافة وإعادة تشجير للأحياء المتضررة، بالإضافة إلى مبادرات لدعم الطلبة وتعزيز روح العمل الجماعي والمسؤولية المجتمعية.

وفي حديثه عن حجم التحديات، قال خطاب لموقع تلفزيون سوريا: “الدمار الذي أصاب حلب لم يقتصر على الحجر فقط، بل طال النسيج الاقتصادي والاجتماعي والإنساني، إذ تعطلت المصانع، وأُغلقت المدارس، وانهارت الأسواق، وتوقفت الحياة الثقافية والفنية، لذلك فإن إعادة البناء لا تعني فقط ترميم الجدران، بل تستدعي ترميم الإنسان، وإعادة إطلاق عجلة الاقتصاد للمدينة، وإحياء الحياة المجتمعية بكل مكوناتها.

وأضاف: “إن الواقع الذي نعيشه اليوم يتطلب عملاً دؤوباً وجهداً جماعياً حقيقياً، حيث لا يمكن الاعتماد فقط على الخطط الرسمية أو التمويل الحكومي، بل يجب أن يكون هناك شراكة حقيقية بين مؤسسات الدولة والمجتمع الأهلي، لتجاوز آثار سنوات من الانهيار والتهميش”.

وختم معتز خطاب تصريحه قائلاً: “حملة الوفاء لحلب هي البداية فقط، وهدفنا أن تكون هذه المبادرة نواة لحملات متتالية تستمر حتى تستعيد حلب مجدها التاريخي، إذ نؤمن بأن إرادة أهل حلب قادرة على صناعة المعجزات، وأن المدينة قادرة على التعافي بقوة، إذا ما تضافرت الجهود وتكاملت الطاقات، مشيراً إلى أن المدينة اليوم تنادي أبناءها في الداخل والخارج، من صناعيين وتجار وأكاديميين وطلبة وعمال وفنانين، وكل من يستطيع أن يضع بصمة في نهضتها، مهما كان موقعه أو إمكاناته.

أطنان من الركام

وتواجه مدينة حلب تحدياً ضخماً في إزالة أطنان الركام والردميات التي خلفتها الحرب منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، نتيجة سياسة الأرض المحروقة التي انتهجها النظام البائد وحلفاؤه، وعلى رأسهم روسيا، باستخدام مختلف أنواع الأسلحة والصواريخ المدمرة، والتي أدّت إلى تدمير مساحات واسعة من الأحياء السكنية والبنية التحتية والمرافق العامة، فيما تفاقمت المأساة مع كارثة الزلزال الذي ضرب المنطقة في شباط/ فبراير 2023، ما أسفر عن تحويل أحياء وقرى كاملة في محافظة حلب إلى ركام، مضيفاً مئات آلاف الأطنان الجديدة إلى ما خلفته الحرب.

90 بالمئة من المنظمات تؤيد الحملة

بدوره، أكّد عبد الرحمن إسماعيل، أحد منسقي حملة “الوفاء لحلب”، في تصريح خاص لموقع تلفزيون سوريا، أن الحملة الشعبية لا تستهدف إعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية فحسب، بل تركز على تلبية الاحتياجات العاجلة والطارئة للسكان، بالتزامن مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، وما يصاحبه من مخاطر انتشار الأوبئة.

وأوضح إسماعيل أن الحملة تشمل حملات رش المبيدات لمكافحة الحشرات، وإنارة الطرقات، وترميم رمزي لبعض المدارس، إضافة إلى تجميل بعض الحدائق العامة، لافتاً إلى أن الحملة انطلقت بمبادرة من مجموعة من الشباب العائدين إلى مدينة حلب، بالتعاون مع شباب مقيمين فيها، بهدف إعادة ترميم النسيج الاجتماعي ورفع معنويات السكان، وإبراز أهمية دور المجتمع المدني، الذي غُيّب طويلاً خلال فترة حكم حزب البعث.

وأشار إلى أن الحملة ليست محصورة بأحياء معينة أو بالمدينة فقط، بل ستتوسع لاحقاً لتشمل الريف، وفق الموارد والدعم المتاح، موضحاً أن عدداً من مجالس الريف، وعلى رأسها المجلس المحلي في عندان، أبدى استعداده لتقديم الدعم عبر توفير متطوعين للعمل ضمن الحملة.

وأضاف إسماعيل في معرض حديثه لموقع تلفزيون سوريا أن الحملة ستعرض خلال مؤتمر مرتقب “دليل احتياجات طارئة لمدينة حلب” أمام الصناعيين والتجار والمنظمات المدنية، ليتمكن كل طرف من اختيار المشروع الذي يمكنه المساهمة فيه، مشدّداً على أن الحملة حرصت منذ انطلاقتها على عدم تقديم وعود مبالغ بها حول إعادة الإعمار، بل فضلت عرض الإنجازات الواقعية على الأرض لتعزيز الثقة بالمبادرة.

وكشف أن نحو 90% من المنظمات الفاعلة في حلب قد أبدت استعدادها المبدئي للمشاركة في الحملة، مشيراً إلى أن التنسيق لا يزال جارياً لضمان حضور جميع الجهات دون استثناء. كما لفت إلى أن الحملة قررت عدم إطلاق صفحة رسمية أو شعار موحد، لإبقاء الباب مفتوحاً أمام جميع المشاركات، مع توثيق كل مساهمة عبر صفحات المنظمات الداعمة، وتوحيد الرسائل الإعلامية عبر وسم خاص بالحملة. منوّهاً على أن الهدف الأسمى للمبادرة هو أن تتوسع فكرتها إلى بقية المحافظات السورية، وأن تتحول إلى نموذج مستدام لمساهمة المجتمع المدني في دعم مجتمعه.

ويُظهر تقرير معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث (UNITAR) والذي اعتمد على مسحٍ يوثق حجم الدمار الذي لحق بالمدن والبلدات السورية خلال السنوات الثماني الأولى من الحرب، مستنداً إلى تحليلات دقيقة لصور التقطتها الأقمار الصناعية.

واشتمل التقرير، الذي صدر منتصف شهر آذار 2019، على خرائط مفصلة توضح توزع الدمار وكثافته في 16 مدينة ومنطقة سورية، اعتُبرت من بين الأكثر تضرراً بفعل العمليات العسكرية، إذ أظهرت النتائج أن محافظة حلب سجلت أعلى معدلات الدمار في سوريا، حيث بلغ عدد المباني المدمرة كلياً نحو 4773 مبنى، إضافة إلى 14,680 مبنى تعرض لدمار بالغ، و16,269 مبنى تضرر بشكل جزئي، ليصل مجموع المباني المتضررة إلى 35,722 مبنى.

وأشار التقرير إلى أن مدينة حلب كانت تأوي أكثر من 2.5 مليون نسمة قبل عام 2011، بينما يقدر عدد سكانها حالياً بنحو 1.6 مليون نسمة، بينهم حوالي 200 ألف يقطنون في القسم الشرقي الذي تحمل النصيب الأكبر من الدمار، وسط استمرار الظروف الإنسانية المتردية مع انتشار بقايا المتفجرات ونقص حاد في الخدمات الأساسية.

كما بيّن التقرير أن الدمار في محافظة حلب لم يقتصر على مركز المدينة، بل طال العديد من مدن الريف، إذ سجلت مدينة عفرين في ريف حلب الشمالي تضرر 196 مبنى، بينها 67 مبنى مدمراً كلياً، و26 مبنى لحق به دمار بالغ، و103 مبانٍ تعرضت لأضرار جزئية.

وفي مدينة منبج شمال شرقي حلب، بلغ عدد المباني المتضررة 1,198 مبنى، منها 284 مبنى مدمراً كلياً، و412 مبنى لحق به دمار بالغ، إضافة إلى 502 مبنى تضرر بشكل جزئي.

طريق التعافي طويل

وفي إفادةٍ لـموقع تلفزيون سوريا أكّد الخبير الاقتصادي سعد عفان، أن مدينة حلب، رغم حجم الكارثة التي لحقت بها، تحتفظ بمقومات حقيقية للتعافي، شريطة إطلاق برامج تنموية مستدامة تركز على دعم القطاعات الإنتاجية، كالصناعة والنسيج والزراعة، إلى جانب تأهيل شبكات المياه والكهرباء والنقل لضمان بيئة ملائمة للاستثمار.

وأشار إلى أن مبادرات المجتمع المحلي، مثل حملة “الوفاء لحلب”، تمثل خطوات إيجابية نحو إعادة الإعمار، لكنها بحاجة إلى دعم مؤسساتي منظّم ومتكامل مع خطط الحكومة السورية، لافتاً إلى أن هذه المبادرة تعكس إرادة أبناء المدينة لاستعادة مجدها الصناعي والتجاري، لكنها تصطدم بتحديات كبرى، أبرزها نقص التمويل وحاجة البنية التحتية إلى إعادة تأهيل شامل.

وأوضح أن حجم الأضرار، في حلب وباقي المدن السورية، يتطلب تقييمات ميدانية دقيقة لتحديد كلفة الإعمار، والتي تتراوح حالياً بين 300 و900 مليار دولار، مع احتمال تجاوزها تريليون دولار نظراً للدمار الممتد على مدى سنوات.

وأشار عفان إلى أن تقرير البنك الدولي لعام 2023 كشف أن 68 بالمئة من البنية التحتية في المناطق المتضررة بسورية تعرضت للتدمير أو التدهور الوظيفي، خاصة في قطاعات المياه والصرف الصحي والكهرباء، مما يعقد جهود إعادة الإعمار ويزيد من معاناة السكان.

رجعنا يا حلب

وكانت مؤسسة الدفاع المدني السوري وجمعيات وفعاليات مدنية وفرق تطوعية، بدأت السبت 26 نيسان الحالي، حملةً خدميةً تحت عنوان “رجعنا يا حلب”، بهدف إعادة الحياة إلى المدينة، عبر أعمال تنظيف الطرقات وتجميل المنصفات وإعادة تأهيل الأضرار في بعض الأماكن التي خلفها القصف من قوات النظام خلال السنوات الماضية.

وضمت قائمة الفرق المشاركة “شبابنا قدا – معاً لننقذ الإنسان – كفاف – أنامل بيضاء – رواد التغيير – القلب الأخضر – المنصة السورية الطبية – لأجلكم نحيا – سواعد أمل – مدد – مساحة سلام – سواعد الخير – الجالية السورية في غازي عنتاب – وقف بلبل زاده – Bülülzade vakfı”.

وبعد سقوط نظام الأسد البائد في كانون الأول 2024، بدأت تظهر ملامح النهوض الأهلي في أكثر من محافظة سورية، لترميم ما خلفه حكم النظام البائد، من تردّي الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه، وتهالك شبكات الصرف الصحي.

حلب

 

#مراحل #متقدمة #وتحضيرات #ميدانية #جارية

المصدر : مقيم أوروبا ومواقع انترنت وغوغل👇

قد تهمك هذه المقالات