جاري التحميل الآن

تحالف إقليمي صاعد يغير قواعد الاشتباك في سوريا

تحالف إقليمي صاعد يغير قواعد الاشتباك في سوريا

تحالف إقليمي صاعد يغير قواعد الاشتباك في سوريا

نشرت مجلة “ذا ناشيونال إنترست” الأميركية تحليلاً سياسياً تناول التحولات الإقليمية بعد سقوط النظام المخلوع، مع التركيز على إعادة تشكيل موازين القوى في سوريا والمنطقة.

يستعرض التحليل صعود محور مدعوم من تركيا بقيادة الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، ويرصد مواقف الفاعلين الدوليين والإقليميين تجاه المشهد الجديد، مع تسليط الضوء على التحديات الأمنية والسياسية التي تطرحها هذه المرحلة الانتقالية.

تناول التقرير تطورات العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين في ظل الواقع السوري الجديد، مشيراً إلى أهمية ضبط التوازنات وتفادي نشوء فراغات أمنية قد تُستغل من أطراف غير مستقرة.

كما ناقش التقرير المقاربات الممكنة لدعم استقرار سوريا وتعزيز التنسيق مع القوى المحلية، مع التأكيد على ضرورة حث الحكومة السورية الجديدة على تنفيذ إصلاحات سياسية شاملة.
يقدم التحليل سلسلة من المقترحات السياسية للولايات المتحدة، من بينها ربط أي تخفيف للعقوبات بعملية إصلاحية جدية، وتعزيز دعم المؤسسات المدنية، وتوسيع العلاقات مع مختلف مكونات المجتمع السوري، بما يضمن بناء نظام سياسي تعددي ومستقر.

ويرى التقرير أن تعزيز الشراكات الإقليمية وتكثيف التنسيق مع الأطراف الدولية الفاعلة، من شأنه أن يحد من التوترات ويعزز فرص الاستقرار في سوريا والمنطقة.

ويختم التقرير بالتأكيد على أهمية التعامل مع المشهد السوري الجديد بمقاربة واقعية توازن بين دعم الاستقرار الإقليمي ومنع بروز تهديدات أمنية جديدة، مع الإبقاء على قنوات الاتصال مفتوحة بين جميع الفاعلين المعنيين.

 

يعرض موقع تلفزيون سوريا هذا التقرير في إطار التغطية الإعلامية للملفات المتعلقة بواقع الأمن في سوريا، مع الإشارة إلى أن ما ورد فيه يعكس رؤية الصحيفة ومصادرها، ويُقدّم كمادة تحليلية تساعد على فهم طريقة تناول الإعلام الدولي للملف السوري، دون أن يُعد توثيقاً شاملاً لكامل المشهد أو تبنياً لاستنتاجاته.

 

وفيما يلي ترجمة موقع تلفزيون سوريا لهذه المادة:

في السابع من نيسان الجاري، لم يستطع رئيس الوزراء الإسرائيلي سوى أن يبتسم ابتسامة صفراء في المكتب البيضاوي وذلك عندما أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن إعجابه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ثم هنأ تركيا على “أخذ” سوريا، كما لم تبد على نتنياهو أي طمأنينة عندما زعم ترمب بأن بوسعه “حل” أي مشكلة بين إسرائيل وتركيا.

ومما زاد الأمور تعقيداً، تلك المصادر التي أوردت بأن ترمب ممكن أن يلتقي بالرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، والذي كان في السابق أحد قيادات فرع تنظيم القاعدة في سوريا، لأن هذا التصرف لابد أن يثير القلق في إسرائيل وفي عموم المنطقة، إذ ثمة توقعات كثيرة تشير إلى أن تركيا دعمت الشرع وهيئة تحرير الشام سراً، وأصبحت الهيئة اليوم تحكم سوريا منذ سقوط بشار الأسد في كانون الأول من عام 2024.

عودة النفوذ السني من جديد

ولعل ترمب يأمل بأن يدعم نفوذ تركيا في سوريا الجهود الأميركية في محاربة الإرهاب إلى جانب احتواء النفوذ الإيراني في المنطقة، بيد أن هذه الآمال تبالغ في تفاؤلها إلى حد كبير، لأن المرجح بشكل أكبر هو أن سقوط الأسد من السلطة وظهور الشرع محله، لا يعني إلا استبدال مشكلة بأخرى فحسب.

ولتوضيح الأمور لابد من القول إن سقوط الأسد يعتبر تطوراً إيجابياً في مصالح الشرق الأوسط والولايات المتحدة، لأنه أضعف إيران إلى حد كبير كما أضعف “محور المقاومة” الذي يسعى لطرد القوات الأميركية من الشرق الأوسط وتدمير دولة إسرائيل، ولكن الولايات المتحدة أصبحت تواجه بدلاً من هذا المحور اليوم صعود المحور السني المدعوم تركياً والذي يرجح أنه يشترك مع ذلك المحور السابق بالأهداف نفسها، وهنا لابد أن نتذكر بأن الجيوش والميليشيات العربية السنية، لا الشيعية، هي التي وقفت على الجبهة في نزاع مسلح ضد إسرائيل منذ أربعينيات القرن الماضي وحتى عام 1979 عندما أصبحت إيران ألد عدو لإسرائيل.

الشرع

مع زوال النفوذ الإقليمي الإيراني بشكل سريع، عاد النظام التقليدي للتشكل من جديد على ما يبدو، فأردوغان الذي تربطه علاقات بجماعة الإخوان المسلمين، والذي يتبنى أفكاراً إسلامية، صار يحرض على تجدد العدوان السني على إسرائيل في وقت أخذت فيه دول عربية سنية، على رأسها السعودية، بالسعي لتطبيع العلاقات مع الدولة اليهودية. إذ في خطابه الذي ألقاه في 31 آذار، توجه أردوغان بالدعاء من أجل حماس ودعا على إسرائيل بالهلاك، وبما أن هيئة تحرير الشام تتحصن بمظلة الأمن التركي في سوريا، لذا بوسعها أن تسعى الآن لتحقيق مزيد من الأهداف المتطرفة التي تهدد استقرار المنطقة وأمن إسرائيل على حد سواء.

غير أن إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي عندما تحاول تركيا فتح طرق أمامها داخل سوريا، إذ منذ سقوط بشار الأسد، شنت إسرائيل غارات جوية بل ونفذت عمليات برية في الداخل السوري، وذلك حتى تحرم تركيا من الوصول إلى المنشآت العسكرية السورية مثل قاعدة ت-4 الجوية في تدمر، ثم أبغلت أنقرة بأنها تعتبر إقامة قاعدة عسكرية تركية في سوريا خطاً أحمر.

كما أقامت إسرائيل علاقات مع الطائفة الدرزية في سوريا والتي أخافها النظام الإسلامي السني في دمشق بشكل كبير، ولها الحق في ذلك.

ومنذ فترة قريبة، التقى ممثلا تركيا وإسرائيل في أذربيجان، تلك الدولة التي حافظت على علاقات وطيدة مع كلا البلدين، وذلك لتخفيف التوتر المتصاعد ولحل فتيل النزاع بالنسبة لعملياتهما العسكرية في سوريا. ولكن لا دولة سوى الولايات المتحدة تتمتع بالقوة والنفوذ في مسألة التوسط بين دولتين حليفتين لها بعد أن أصبحت كل منهما ميالة للتنافس بل حتى لخوض نزاع في سوريا.

الأدوات الأميركية المعتمدة للتصدي لأي محور جديد

في الوقت الذي يدرك المرء رغبة الولايات المتحدة بتجنب الدفع نحو أي تصعيد مع دولة عضو في حلف شمال الأطلسي، لا يجوز أن يترجم ذلك على أنه سياسة قائمة على استرضاء تركيا وذراعها في سوريا، لأن لدى واشنطن وسائل عديدة تحت تصرفها لضمان خلق هيكلية سلطة متوازنة في دمشق، والوقوف ضد عودة التطرف السني في الدول العربية، واحتواء المحاولات التي تقوم بها تركيا لمد نفوذها في الشرق الأوسط.

لذا وبداية، يجب على الولايات المتحدة رفع العقوبات التي لم تغيرها حتى الآن والتي فرضتها على هيئة تحرير الشام، بيد أن أي تخفيف للعقوبات على تلك الجماعة التي حلت نفسها، لكن قادتها مايزالون يهيمنون على الحكومة السورية الجديدة، يجب أن يأتي مشروطاً وبشكل واضح بإقامة إصلاحات مهمة، والأهم من كل ذلك يجب أن تتمثل أولى تلك الإصلاحات بإخراج جميع العناصر المتطرفة والجهادية التي ماتزال فاعلة ضمن الحكومة السورية الجديدة التي تتزعمها هيئة تحرير الشام.

في «مؤتمر النصر» المنعقد في 29 كانون الثاني الفائت، والذي وضع أسس المرحلة الانتقالية الجارية في البلاد؛ لم تعلن الفصائل فقط عن حل نفسها بما فيها «هيئة تحرير الشام»، بل أيضاً عن حل «حزب البعث العربي الاشتراكي» الذي كان حاكماً، فضلاً عن الأحزاب الشريكة له في «الجبهة الوطنية التقدمية»، وكذلك عن حل «الأجسام الثورية السياسية والمدنية» ودمجها في مؤسسات الدولة الجديدة «استكمالاً لنضالها وتعزيزاً لدورها» كما نص البيان الصادر عن الاجتماع.

يذكر بأن الشرع أعلن بأنه لم يعد ذلك الشاب المتعصب الذي انضم لجماعتين جهاديتين، بل أصبح اليوم يناصر الحداثة والليبرالية ونشر الديمقراطية في سوريا، ولهذا ينبغي على واشنطن أن تلزمه بتلك الوعود وأن تحرمه من الاعتراف الرسمي بالحكومة السورية الجديدة إلى أن ينفذ ما قطعه على نفسه.

ثانياً، يجب على الولايات المتحدة أن تعيد النظر بموقفها تجاه ما تبقى من الوجود العسكري الروسي في سوريا، نظراً لتفكيك معظم البنى التحتية العسكرية الروسية الموجودة في ذلك البلد، إذ لم يعد يتبق منها سوى وجود محدود ضمن قاعدة حميميم الجوية، وعلى الرغم من دخول الولايات المتحدة وروسيا في صراع آخر في مكان آخر من هذا العالم، فإن وجود حكومة متعصبة في سوريا هدفها تدمير إسرائيل لن يفيد أياً منهما بشيء.

تجدر الإشارة هنا إلى أن إسرائيل شجعت واشنطن سابقاً على عدم الضغط على نظام الأسد ليقوم بطرد القوات الروسية، لأنها اعتبرت وجود تلك القوات بمنزلة رادع لكل من إيران والمتطرفين السنة، ونظراً للتنافس التاريخي بين روسيا وتركيا في هذه المنطقة، وخاصة في سوريا، لذا فإن منح روسيا حصة في سوريا يمكن أن يخدم عملية ضبط التوازن وأن يخلق ثقلاً يقف في وجه تركيا هناك.

ثالثاً، يجب على الولايات المتحدة أن تزيد من دعمها للحكومة الوطنية اللبنانية وللمملكة الأردنية، إذ هنالك خطر متزايد تمثله العناصر المدعومة تركياً والجماعات السنية المتطرفة التي تعمل في سوريا، لأنها قد تسعى لزعزعة استقرار هاتين الدولتين، وفي حال ظهور حالة اضطراب فإن ذلك يمكن أن يهدد أهم حلفاء أميركا، وأن يوصل التهديد الأمني لإسرائيل إلى ذورته.

تزداد تلك المشكلة حدة في لبنان، حيث أدى انهيار قوة حزب الله إلى تحقيق خطوات مهمة في مجال نشر الاستقرار والسلام، ولهذا ينبغي على الولايات المتحدة أن تفعل كل ما بوسعها القيام به لتحافظ على ذلك.

رابعاً، يجب على الولايات المتحدة أن تحذو حذو إسرائيل وأن تمد يدها للأقليات في سوريا، كالدروز والكرد والعلويين والمسيحيين، لأن دعم الأقليات وتمكينها يعزز أمنها، كما يمد أميركا بنفوذ مهم لتقف ضد هيئة تحرير الشام أو غيرها من العناصر المتطرفة.

ويمكن للعلاقات المستقلة مع الأقليات، والتي تتراوح ما بين الدعم السياسي وصولاً إلى الدعم العسكري، أن تخدم المصالح الاستراتيجية الأميركية، وذلك عبر حفظ حالة التوازن، ومنع المتطرفين من الاستعانة بسوريا من جديد بهدف زعزعة استقرار الشرق الأوسط، كما يجب على الولايات المتحدة أن تربط تخفيف العقوبات بفرض حالة من التنوع على القيادة السياسية لسوريا، وذلك عبر ضمان حصول الأقليات والجماعات غير المهيمنة على حصة حقيقية في الحكم.

الشرع يتسلم دعوة للمشاركة في القمة العربية ببغداد - الرئاسة السورية

لا تعد تركيا بديلاً عن إيران في الشرق الأوسط، وبشكلها الحالي الذي لم تطرأ عليه أي تغييرات، لن تكون هيئة تحرير الشام خياراً أفضل من الأسد لمستقبل سوريا، أي بالمختصر، لا يمكن للتطرف السني أن يحل محل التطرف الشيعي، ولهذا يجب على الولايات المتحدة أن تضمن عدم ملء الجيش التركي للفراغ الحاصل بسبب رحيل الجيشين السوري والروسي، كما يجب عليها أن تضغط على هيئة تحرير الشام لتتخلى عن كل ما يربطها بالإرهاب ولتبقي حدودها مع إسرائيل خالية من أي سلاح، لأن سوريا لا يجوز أن تتحول إلى ملاذ آمن أو نقطة انطلاق لأي محور رجعي آخر.

 

المصدر: The National Interest

#تحالف #إقليمي #صاعد #يغير #قواعد #الاشتباك #في #سوريا

المصدر : مقيم أوروبا ومواقع انترنت وغوغل👇

قد تهمك هذه المقالات