جاري التحميل الآن

هل نخشى من خطر داعش؟

هل نخشى من خطر داعش؟

هل نخشى من خطر داعش؟

تضاربت تقديرات المعنيين، خلال العام 2024، حول قدرات تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. ففي حين لاحظ بعض المراقبين المتوجسين تزايداً في عدد الهجمات التي شنتها داعش في الأراضي السورية؛ قلّل آخرون من قيمة هذه الحوادث استراتيجياً ومن نتائجها على المدى الطويل. ومع سقوط نظام الأسد عادت المخاوف من تجدد نشاط التنظيم لتطفو على السطح، مستفيداً ربما من مناخ التغيير وما يصحبه من فوضى، أو مستغلاً القوى الإسلامية التي انتشرت في البلاد لتنفيذ عملياته تحت عباءتها، بالاتفاق مع بعض مجموعاتها أو من دون تنسيق.

لكن الأشهر الخمسة التي مرت كفيلة برسم معالم إجابات مبدئية عن هذه الأسئلة.

فمن جهة أولى عادت سوريا إلى صدارة اهتمام صحيفة التنظيم الرسمية «النبأ» بشكل متواتر. ففي العدد 472، الذي نُشر في قلب أيام عملية «ردع العدوان»، شغلت «ولاية الشام» الافتتاحية التي جاءت بعنوان «سوريا الحرة وسوريا الأسد!». وفيها يحذّر الكاتب من الحماس للتصعيد الذي شنته «الصحوات»، وهو مصطلح مرذول في عرف داعش ويعني العملاء من أهل السنّة. وإذ تلاحظ الصحيفة أن العملية جاءت تحت شعارات الثورة فإنها تعدّ ذلك فعلاً جاهلياً لا جهاداً. وتسجل، في هذا السياق، أن لغة طمأنة النظام الدولي والتعايش مع الأقليات طغت على البيانات التي أصدرتها «الهيئات المرتدة» التي أعلنت أنها تجسد «ثورة تحررية من “نظام قمعي” يستأثر بالسلطة، بغية الوصول إلى نظام آخر “ديمقراطي” يتقاسم السلطة».

وفي العدد التالي، الصادر إثر سقوط النظام، عادت الصحيفة إلى سوريا في افتتاحية تفرغت لانتقاد «هيئة تحرير الشام» وقائدها أحمد الشرع. حين ترى أن أساليب «مكافحة الإرهاب» بلغت مرحلة متقدمة، بعد مسارات طويلة في أقبية مراكز الدراسات والاستخبارات، فوصلت إلى احتواء جهاديين سابقين للقيام بالمهمة المطلوبة «بما يضمن مصالح النظام الدولي الكفري، ويشبع رغبة المفتونين بالحكم». ومن جهتها قررت صحيفة داعش أن «الجهاد في الشام» سيتواصل لأن من كان خلافه مع عائلة الأسد فقد انتهت ثورته، أما من كانت قضيته ضد «نظام مرتد يقوم على تعطيل الشريعة والاحتكام للمجالس الانتخابية والدساتير الكفرية وحماية المراقد الوثنية وموالاة الكافرين دولاً وأقليات، بحجة “العلاقات الدولية” و”النسيج الوطني”، فإن المشكلة ما زالت قائمة». فلا يقتصر الأمر على إسقاط علم ورفع آخر «كلاهما من صنع سايكس – بيكو» كما تقول الافتتاحية الثالثة، للعدد 474، التي جاءت بعنوان «صيدنايا والنفاق العالمي». وسخرت من تفجع المجتمع الدولي بعد ظهور صور السجناء وكأنه لا يعلم أن في كل بلد طاغوت ولديه صيدنايا. وفي الجانب الذي يخصّها بشكل مباشر لاحظت الصحيفة القلق الأميركي، وسواه، من احتمال أن يستغل الدواعش الظرف للفرار من السجون والمراكز التي تحتجزهم فيها قسد (قوات سوريا الديمقراطية)، وحذرت من استخدام هؤلاء مادة للاتجار بين الحكم الجديد في دمشق وسلطات «الإدارة الذاتية» الكوردية.

عادت «النبأ» لتناول سوريا في افتتاحية العدد 486، الذي صدر بعد انتهاء معارك الساحل في مطلع آذار، والتي جاءت بعنوان «نسف الأقلية والطائفية». وقالت إن الأحداث أثبتت مجدداً صوابية «الدولة الإسلامية في تعاملها مع طوائف الكفر والردة» بمنهج الحسم، لا محاولة الالتقاء بهم في منتصف الطريق ونزع صفة التشبيح عنهم وصبغهم بصفات «الشركاء والإخوة والطلقاء» تحت شعار العيش المشترك. وبعد أسبوعين استنكرت افتتاحية العدد 488، بعنوان «الجولاني بين جدارين!»، أن النظام السوري الجديد كان واضحاً في التعهد للجارة اليهودية بأنه لن يهاجمها، ولن يسمح باستخدام أراضي البلاد لذلك.

لا تُستغرب هذه المواقف بالنظر إلى أفكار داعش وإلى تاريخ شقاقها الدموي مع «هيئة تحرير الشام». لكن ما تجدر ملاحظته هنا هو خلو الافتتاحيات، والإصدار المرئي الذي واكبها، من أي وعيد بالعمل ضد «الهيئة» أو التحريض على ذلك. إذ تناولت الإشارة العنفيّة الوحيدة، التي وردت في افتتاحية العدد 473، مجرمي نظام الأسد الذين بدا أن حكومة دمشق الجديدة تتساهل في محاسبتهم، متوعدة إياهم بالثأر على أيدي «الأُسد الغضاب الذين يعاقبون المعتدي بأحكام الشريعة لا أحكام الدستور».

من جهة أخرى خلت الأخبار، التي نقلتها وكالة «أعماق» الرسمية خلال هذه الشهور، من تبني التنظيم لأي عمل ضد قوات النظام الجديد وبُناه. فتوقفت تماماً العمليات التي كان يشنها في البادية خلال سيطرة النظام السابق في السنوات الماضية، وهي المناطق التي ورثتها «الهيئة». واقتصرت العمليات التي تبناها التنظيم في سوريا، منذ سقوط الأسد، على هجمات متفرقة قليلة الأهمية ومحدودة التأثير على عناصر قسد في أرياف كل من «الخير» (دير الزور كما سمّاها التنظيم) و«البركة» (الحسكة وفق تسميته أيضاً).

يؤشر هذا على الضعف المتزايد للتنظيم الذي أصبح مجرد أشلاء في سوريا والمشرق في حين يحفل إعلامه بأخبار طازجة ووحشية من مناطق تنامي قوته في القارة الأفريقية، فضلاً عن نشاطه العنيد في أفغانستان ضد حكم إمارة طالبان. غير أن هذا لا يكفي لتفسير غياب عملياته عن منطقة البادية التي كان المراقبون يقدّرون بأن عناصره فيها هم الأقوى. وربما يعود ذلك أيضاً إلى الخبرة الطويلة لأمنيي «هيئة تحرير الشام» في الإمساك برقبة داعش باستخدام أوراق ضغط.

ففي وقت سابق كان أحمد الشرع قد قال لوفد غربي من زواره إنه اختار أنس خطاب رئيساً للاستخبارات العامة لأنه أفضل من يجيد التعامل مع التنظيم، الذي كان عضواً في أصله «دولة العراق الإسلامية».

شارك هذا المقال

#هل #نخشى #من #خطر #داعش

المصدر : مقيم أوروبا ومواقع انترنت وغوغل👇

قد تهمك هذه المقالات