توافقنا على أن يمتلك الكتّاب والمثقّفون قرارهم
“أتى هذا التوافق بعد حوار معمّق يؤكد أن هذه الخطوة لا تغني عن إجراء انتخابات ديمقراطية شفافة وبمشاركة الجميع، يجب إنجازها خلال سنة من تاريخ هذا البيان”
جاء هذا الاقتباس في نص بيان اتحاد الكتاب العرب للمرحلة الجديدة بتاريخ 15.4.2025. البيان الذي تضمن مدّةً زمنيّةً واضحةً وتصريحًا لا لبس فيه عن إجراء انتخابات ديمقراطيّة بعد سنة. الديمقراطية، هي الكلمة التي تغيب في هذه الأيام عن لغة مؤسسات الدولة والنقابات والسياسة، والكلمة المفقودة فجأة من قائمة أولوياتنا، وكأنّ اتفاقًا ضمنيًا تمّ بالقبول بعدم إمكانيّة حدوثها حاليًّا.
من جهة أخرى، أثارت قضيّة تكليف مجلس تسيير الأعمال من قبل الأمانة العامة للشؤون السياسية التابعة لوزارة الخارجية جدلاً بين أوساط الكتاب والمثقفين، حيث تم تكليف الكتاب التالية أسماؤهم بإدارة مجلس تسيير أعمال اتحاد الكتاب العرب وهم: محمد طه العثمان رئيسًا، محمد منصور، فدوى عبود، جمال الشوفي، محمد سعيد العتيق، مروة حلاوة، محمد صارم، محمود عساف، حسن عبد الكريم.
صدر الأمر السياسيّ كأنّه تعيين من الإدارة للمجلس الجديد، ولكنه لم يكن كذلك، أي لم يكن من الأعلى إلى الأسفل هرميًّا، إنّما حدث التوافق وصادقت عليه الإدارة بحسب مجلس الاتحاد.
وللحديث عن الاتحاد ومجلسه ورؤيته التقينا الشاعر والناشر السوري محمد طه العثمان رئيس اتحاد الكتاب العرب المكلّف مؤخرًا وكان معه الحوار التالي:
- حدثنا عن مرحلة ما قبل تكليف المجلس، ماذا حدث وما نوع المشاورات التي حدثت، ولماذا تم اختياركم ومن الجهات التي توافقت على المجلس؟
لم يكن الأمر وليد لحظته أو بتوجيه سياسي، بل كانت الفكرة في البداية حين طرح عدد من ممثلي هيئات وكيانات ثقافية فكرة انتقال هذه الهيئات إلى دمشق، ثم ونتيجة لحوارات ونقاشات بدأت تتكون فكرة الاندماج فيما بين هذه الهيئات، وهي خمس هيئات (رابطة الكتاب الأحرار، رابطة الكتاب السوريين، جمعية النخبة، عدد من الكتاب المستقلين، واتحاد الكتاب العرب) الأمر الذي أدى لعقد اجتماعات مباشرة وغير مباشرة على مدى شهرين للبحث عن آلية حقيقية للتغير الذي بات ضرورة وأن لا يترك الكتاب والمثقفون قرارهم لغيرهم. وبالفعل لم يكن لأمر سهلاً، بل كان مخاضًا كما وصفته الزميلة فدوى، أفضى إلى صيغة توافقية أنتجت قائمة بأسماء مرشحة من كل كيان من هذه الكيانات المجتمعة بما فيها اتحاد الكتاب، ورفعت هذه القائمة المقترحة إلى رئاسة مجلس الوزراء لأننا أردنا أن يأخذ هذا التوافق صفة رسمية. مع مواجهة ظرف حاد هو عدم القدرة على إجراء انتخابات مثلاً بدلاً عن ذلك بسبب عدم إمكانية تنسيب مئات الكتاب من كل الكيانات مع المستقلين وإعادة الكتاب المفصولين تعسفيًا لأسباب سياسية، وعدم تلبية الظرف الراهن لتطبيق العرف القانوني.
- لماذا صدر القرار باسم وزارة الخارجية؟
هذا الأمر يعود لآلية عمل الحكومة فنحن رفعنا الأسماء إلى رئاسة مجلس الوزراء كما أسلفت، ولكن لتعطيل هذه الصفة في الوقت الحالي، تصدر القرارات باسم الأمانة العامة للشؤون السياسية، وكما بدا لي هي الممثل الإداري عن الدولة لمتابعة هكذا أمر.
- كيف ستتم إعادة هيكلة الاتحاد؟
يحتاج هذا الأمر إلى دراسة، وربما إلى توافق جديد يتضمن إعادة هيكلة النظام الداخلي وجعله حيويًا ومتماشيًا مع العصر، إضافة إلى تطوير أداء المؤسسة. فأدواتها ونظمها قديمة بحاجة لتطوير وأتمتة. أيضًا تطوير آليات قبول الأعمال واللجان المسؤولية لتكون حقيقية وشفافة. فيمكن اختصار الهدف الأولي للعمل بإعادة تقييم كل شيء من أجل مواكبة العصر وهدم الآلية القديمة التي كرسها النظام البائد والتي أقصت الاتحاد عن دوره، وإيجاد آليات جديدة عادلة لتنسيب كل من تم إقصاؤهم أو حرموا من حقهم أو قاطعوا الاتحاد.
- صدر بيان منكم حول ما جرى يتضمن نقاط مهمة مثل تحديد فترة تسيير الأعمال والانتخابات ومصطلح الديمقراطية. وهي خطوة متقدمة عن نقابات ومؤسسات أخرى تم تعيين مجالسها. ما الذي جعل النتيجة مختلفة هنا؟
كما قلت سابقًا أولوية الهيئات والكتاب الذين شاركوا في الوصول إلى هذا التوافق ألا نضع قرارنا في يد أحد، بل أن نسعى لأن يبقى الاتحاد ضمن نطاقه الأساسي واستقلاليته. وبالتالي فإن آلية التوافق المختلفة عن مبدأ التعيين أدت إلى نتيجة مختلفة.
- ما هو مشروع مجلس اتحاد الكتاب العرب في مرحلة تسيير الأعمال؟
الأولوية الكبرى لمجلس تسيير الأعمال هي الوصول إلى مؤتمر عام وانتخابات تحافظ على مكانة الاتحاد واستقلاليته، وبالتالي فإن مشروع الاتحاد في هذه الفترة هو حصر المشكلات التي تقف في طريق هذه الخطوة ومعالجتها وإبراز دور الاتحاد الحقيقي الذي أقصاه وحيدّه نظام الأسد البائد.
- ما هي أبرز التحديات التي تواجهونها حاليًا في إدارة الاتحاد؟
المعوقات كثيرة ومختلفة وتشمل كافة المجالات الإدارية والتنظيمية، فالاتحاد لم ينج من التخريب الذي مارسه نظام الأسد في جميع القطاعات، وكذلك هناك معوقات خارج هذه النقطة مثل جمع شمل المثقفين السوريين والوصول إلى حلول تعيد ثقتهم بهذه المؤسسة وتبرز استقلاليتها عن أي قرار سياسي، وأيضًا هناك معوقات تتعلق بالواقع العام للبلاد في الفترة الحالية ومعوقات مادية وغير ذلك، وربما نحتاج وقتًا لنستطيع حصرها وتشخيصها بشكل دقيق.
- كيف تتعاملون مع الانتقادات التي وُجّهت سابقًا للاتحاد؟
إن كنت تقصد بـ “سابقًا” مرحلة ما قبل سقوط الأسد، فأنا كنت من ضمن المنتقدين أيضًا لآلية لعمل وهيمنة السلطة البائدة على الاتحاد وتحييده عن دوره الحر والمستقل، لذلك فالتعامل مع هذه الانتقادات يكون بالعمل على هدم سلبيات المرحلة السابقة، فسوريا اليوم كلها تبدأ من جديد وترمي خلف ظهرها إرثًا ثقيلاً من الاستبداد والفساد، والانتقاد والمديح يأتي لما بعد سقوط الأسد وليس ما قبله.
- نعم، ولكن لسنوات طويلة، ارتبط اسم اتحاد الكتّاب العرب بالنظام السوري، بل واتُّهم بأنه كان جزءًا من آلة الترويج له. كيف تنظرون إلى هذا التاريخ؟ وهل أنتم مستعدون لفتح هذا الملف بشفافية؟
كون الاتحاد مؤسسة مستقلة لا يخرجه من مهامه الوطنية، ولا شكّ أن إنهاء كل مخلفات النظام البائد إحدى أولويات هذه المهمة، لن ننظر إلى التاريخ بقدر ما ننظر إلى المستقبل ألّا يرتبط اسم الاتحاد سوى بالاتحاد نفسه وألا يحيد عن ذلك، وبالنسبة لفتح الملفات فنحن مستعدون لفتح الملفات بكامل الشفافية ولكن ذلك يحتاج جهودًا من جميع الكتاب وقبولاً بالاتحاد كهيئة تمثل المثقفين السوريين، لذلك فهذه الخطوة ربما تأتي بعد المؤتمر العام.
- وما هي الآليات التي ستعتمدونها لضمان استقلالية الاتحاد عن أي سلطة سياسية مستقبلاً؟
يتم ذلك من خلال نقاط حددناها في المجال التنظيمي وهي:
صياغة نظام داخلي جديد، يؤكد على استقلالية الاتحاد وهويته النقابية، وانتمائه لفضاء المجتمع المدني، ويراعي النظام الداخلي شروط انتساب موضوعية ومعيارية يتم الاتفاق عليها.
فتح الباب أمام الأدباء جميعا للانخراط في الهيكل الجديد للاتحاد بعد زوال التصنيفات المخابراتية الأسدية والثورية السابقة (موالٍ، معارض، محايد، شبّيح، إرهابي، مفصول، محظور، مدعوم….)
اعتبار النظام الداخلي والقوانين المحددة لعمل الجمعيات والنقابات كناظم وحيد لعمل الاتحاد وأطره العامة والفرعية، وتحديد سياساته وتوجهاته الراهنة والمستقبلية.
- ما الذي دفعكم لقبول رئاسة الاتحاد في هذا الوقت؟
بصراحة ومن دون مواربة، لم يدفعنا سوى الرغبة في المشاركة في بناء سوريا جديدة وتحمل مسؤولياتنا تجاه البلاد، فهذه المرحلة بما فيها من إيجابيات وسلبيات وحساسية لا بد منها وإن لم نقم بدور ما خلالها فلن نعبر إلى ما بعدها.
- أخيرًا، كيف ستوفق بين مشروعك كشاعر وناشر وبين رئاسة الاتحاد؟
لا شك أنها مسألة ليست سهلة، ولكن موزاييك الآن قطعت شوطًا كبيرًا ولم تعد دارًا ناشئة تحتاج مني الجهد الذي كانت تحتاجه قبل سنوات، كما أنها مؤسسة منظمة من حيث العمل الإداري لا تعتمد على شخصي وعلى وجودي الدائم.
#توافقنا #على #أن #يمتلك #الكتاب #والمثقفون #قرارهم
المصدر : مقيم أوروبا ومواقع انترنت وغوغل👇
إرسال التعليق
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.