بين التسريح ومحدودية الراتب.. الموظف الحكومي في مواجهة ندرة فرص العمل
فور سماعه أنباء إعادة وزارة الاقتصاد في الحكومة السورية الجديدة لعدد من الموظفين الذين منحتهم حكومة تسيير الأعمال السابقة إجازات لمدة ثلاثة أشهر، ينتظر أسعد الموظف في دائرة النفوس بحي الزاهرة بدمشق إعادته إلى الوظيفة، بعد أن تم إيقافه عن العمل الوظيفي منذ سقوط النظام البائد.
يقول أسعد خلال حديث لموقع تلفزيون سوريا إن الحكومة منحته إجازة لمدة ثلاثة أشهر، لكن المهلة انتهت ولم تتم إعادته إلى الدوام الحكومي، مبدياً تفاؤله من القرارات الجديدة التي قد تكون تمهيداً لإلغاء آلاف الإجازات وحالات التسريح التي طالت أكثر من 30% من الموظفين الحكوميين، الذين باتوا من دون مصدر دخل ثابت بعد عقود قضوها في العمل الوظيفي.
وسبق أن أصدر وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور نضال شعار قراراً بإعادة 144 عاملاً وعاملة إلى وظائفهم في مؤسسات الوزارة وقطع الإجازات الممنوحة لهم، ما لاقى ترحيباً كبيراً من قبل الموظفين المفصولين الذين باتوا ينتظرون صدور إجراءات مماثلة تعيدهم إلى وظائفهم الحكومية.
كم عدد الموظفين المفصولين؟
لا يتوفر رقم محدد بشأن حالات التسريح الوظيفي أو الإجازات الممنوحة للموظفين التي قامت بها حكومة تسيير الأعمال، لكن خبراء ومطلعين يقدرون النسبة بالثلث، ما ينذر بتداعيات كبيرة تطاول الواقع المعيشي لآلاف السوريين، في ظل ندرة فرص العمل وتفشي البطالة ووصولها إلى أرقام غير مسبوقة.
وبحسب تصريحات سابقة لوزير المالية في حكومة تسيير الأعمال السابقة محمد أبازيد، يبلغ عدد الموظّفين الذين تمّ شطب أسمائهم قرابة 350 ألفاً بعدما تمّ تعيينهم وفقاً لمحسوبيات وفساد النظام السابق، في حين يبلغ عدد الموظفين الفعلي حالياً نحو 900 ألفاً، لكن يبدو أن عدد الموظفين المفصولين أو الذين تم منحهم إجازات مؤقتة يفوق العدد الذي ذكره أبا زيد في حال لم يتم إغفال آلاف الموظفين المفصولين من المؤسسات العسكرية والأمنية والشرطة.
وكان “الاتحاد العام لنقابات العمال” قد طالب في بيان، بإيقاف إصدار كافة قرارات الفصل والإجازات المأجورة ومعالجة أوضاع العاملين المفصولين بالقرارات السابقة، مع ضرورة إعادتهم إلى العمل وإعادة الهيكلة لاحقاً بما يتوافق مع المرحلة المستقبلية وفق أسس موضوعة للحفاظ على القطاع العام وإشراك التنظيم النقابي في تقييم العمال، بحسب نص البيان.
ما الذي ينتظر الموظفين المفصولين؟
إضافة لآلاف حالات التسريح والفصل، يعاني الموظف الحكومي من محدودية الراتب الوظيفي وعدم ملاءمته مع أسعار السلع والخدمات، ففي حين تحتاج الأسرة السورية المكونة من خمسة أفراد إلى 14 مليوناً و500 ألف ليرة سورية، وفقاً لمؤشر “قاسيون” لتكاليف المعيشة، الذي تصدره جريدة قاسيون الناطقة باسم حزب الإرادة الشعبية، لا يتجاوز وسطي الراتب الحكومي 250 ألف ليرة سورية.
ويوضح الباحث الاقتصادي أدهم قضيماتي أن قيمة رواتب القطاع العام تصل بالمتوسط إلى 20 دولاراً في حين تتجاوز تكلفة أساسيات المعيشة من دون إيجار المنزل للأسرة المكونة من 3 أشخاص 350 دولاراً على أقل تقدير (3 ملايين ونص مليون ليرة سورية)، ويضيف خلال حديث لموقع تلفزيون سوريا أن “المعاش الحكومي الذي يحصل عليه الموظف شهرياً لا يغطي أكثر من 10% تقريباً من احتياجات الأسرة”، وبناء على هذه المعادلة يلفت قضيماتي إلى أن “كثيرين يقعون في مغالطة كبيرة عند الحديث عن ملف الرواتب الحكومية، فهم يستندون إلى أنه يحدث فارقاً معيشياً كبيراً، لكنه في الحقيقة لا يغطي سوى جزء بسيط من متطلبات الأسرة السورية”.
يقول قضيماتي: “أغلب الأسر السورية إما تعمل ضمن وظائف تابعة للقطاع الخاص أو لديها دعم خارجي من الأقرباء في بلدان اللجوء، وفي حال تطرقنا إلى ملف الرواتب بشكل مجرد، فسوف نجد أن من الطبيعي أن تدخل الدولة في حالة من التعثر في صرف جزء من الرواتب، علماً أن أغلب الموظفين لم تنقطع رواتبهم ولكن هناك بعض الإدارات في المؤسسات المتهمة بالفساد سابقاً لم ترفع قوائم موظفيها بالطريقة الجديدة المطلوبة، ما يحرم موظفيها من تسلم مستحقاتهم المالية”، على حد تعبير قضيماتي.
وبشأن قرارات الفصل التي لجأت إليها الحكومة السابقة، يلمح قضيماتي إلى أن الحكومة الجديدة ستعمل على “تشكيل لجنة نزيهة موحدة تقيم حجم العمل في كل مؤسسة والوجه الخفي للموظفين المؤيدين للفساد والنظام الساقط وسيتم إعادة من تم فصله بشكل تعسفي”.
ويوضح أن تأخر الحكومة في تسديد كتلة الرواتب يعود إلى ضعف واردات الدولة مثل الضرائب والرسوم المختلفة من الدوائر والمنافذ البحرية والبرية والثروات الباطية، مؤكداً أن حصول الحكومة على هذه الواردات يتوقف على إعادة توحيد الإدارات السورية.
ماذا عن الموظفين الذين سرحهم النظام؟
بالموازاة مع إجراءات التسريح التي تطاول آلاف الموظفين الحكوميين، تتحرك الحكومة السورية لتنشيط ملف الموظفين المسرحين قسرياً من قبل النظام السابق بسبب مشاركتهم في الثورة أو تغيبهم عن الدوام الحكومي.
وفي هذا الإطار أعلنت وزارة التنمية الإدارية إعادة أكثر من 14 ألف موظف إلى عملهم في وزارة التربية، وذلك استناداً إلى التزام الحكومة بإنصاف المفصولين تعسفياً بسبب مشاركتهم في الثورة السورية، بحسب بيان صادر عن الوزارة التي أكدت أن الرقم يضم القوائم الأولى من الأسماء التي تم استكمال دراسة ملفاتها في وزارة التربية، والتي تشمل 14.646 حالة.
كما أكدت وزارة التنمية الإدارية أنها ستستمر بالتنسيق مع باقي الوزارات تباعاً، لمعالجة جميع ملفات الموظفين المفصولين تعسفياً بسبب مشاركتهم في الثورة السورية.
وكانت وزارة التنمية في حكومة تسيير الأعمال السابقة، قد نشرت رابطاً لاستبيان يخص الموظفين المسرحين بسبب مشاركتهم في الثورة السورية بهدف جمع البيانات والتقييم وصولاً إلى إعادة قسم من الموظفين الراغبين بالعودة إلى وظائفهم السابقة، وذلك بالتوازي مع تشكيل لجنة رئاسة مجلس الوزراء السابقة لجنة لإعداد دراسة شاملة لملف التقاعد المدني والعسكري، إضافة لدراسة موضوع إعادة صرف المستحقات الموقوفة أمنياً بسبب الثورة.
#بين #التسريح #ومحدودية #الراتب. #الموظف #الحكومي #في #مواجهة #ندرة #فرص #العمل
المصدر : مقيم أوروبا ومواقع انترنت وغوغل👇
إرسال التعليق
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.