احتفالات عيد الفصح بسوريا تمر بسلام في أول اختبار للحكومة الجديدة
في إحدى أشهر الكنائس بدمشق، وهي كنيسة الزيتون للروم الملكيين الكاثوليك، أفرد الأسقف جزءاً من عظة أحد الفصح وهو يقارن بين قيامة المسيح وقيامة سوريا.
أتى التشبيه واضحاً هنا، إذ قبل أقل من خمسة أشهر، أطاح الثوار في سوريا ببشار الأسد، فرسموا بذلك نهاية مفاجئة لحكم آل الأسد الدموي الذي امتد لفترة تزيد عن نصف قرن. واليوم، بعد أن تحررت سوريا الجديدة، نجدها ماتزال تحاول النهوض والوقوف على قدميها.
ولكن إلام ستتحول هذه الدولة الوليدة؟ إن هذا السؤال بقي مفتوحاً حتى اليوم، إذ في الوقت الذي احتضن غالبية السوريين من المسلمين السنة القادة الجدد لبلدهم، والذين يتبنون منهج الإسلام المحافظ، رحبت الأقليات الدينية بشيء من التوجس بهذا (التحول) كونها كانت تحس أيام حكم آل الأسد بالحماية والتمكين.
ولهذا تحول عيد الفصح إلى اختبار بالنسبة للمسيحيين المضطهدين في سوريا على مر التاريخ، إذ كيف يمكن أن تتعاطى الحكومة الجديدة مع أهم الأعياد المسيحية بعد أن ترأسها أحمد الشرع.. وهل ستمر تلك الأعياد بسلام كما كان يحدث أيام الأسد الذي تودد للطوائف فنال تأييدهم ودعمهم من خلال “رؤيته العلمانية للبلد”؟
في نهاية المطاف، مر هذا الفصح كأي عيد فصح آخر، على الأقل في العاصمة دمشق، بما أن قلب هذه المدينة العتيقة يشتمل على حي مسيحي عريق، ألا وهو حي باب توما، الذي أقيمت فيه كنائس تعود لما لايقل عن ست طوائف مسيحية مختلفة. وهكذا، زينت الرايات القرمزية والصلبان ذلك الحي يوم الجمعة العظيمة، وحمل الأهالي شموعاً مضاءة في ليلة سبت النور وهم في طريقهم للاحتفال الذي امتد حتى ساعة مبكرة من صباح اليوم التالي.
ولادة جديدة لسوريا
صبيحة يوم الأحد، ارتدت جموع من الناس أفضل ثياب العيد وتوجهت إلى الكنيسة عبر الشوارع المرصوفة بالحجارة، في حين وزعت على الأطفال هدايا مؤلفة من شوكولا وبيض عيد الفصح الملون، ما جعل شفاههم تتلطخ باللون الزهري. بعد ذلك ترأست فرق الكشافة التابعة للكنيسة مواكب جابت الشوارع والطرقات نفسها، حاملة رايات دينية، إلى جانب العلم السوري الجديد، بين قرع الطبول وعزف المزامير.
تحدثنا عن ذلك أنجيلا عميان، 40 عاماً، فتقول: “أحس بالأمان، إذ لم يتغير علينا أي شيء”، وذلك بعد أن احتشدت مع رفاقها في ساحة كنيسة الأرمن الأورثوذوكس التي أقيمت قبالة الشارع المستقيم المذكور في الإنجيل، ومن هنا جاءت شهرته، إذ لهذا الشارع دور مهم في قصة بولس الرسول ومسألة هدايته إلى الدين المسيحي.
لاحظت عميان وجود المشهد نفسه في كل مكان طوال أسبوع الآلام الذي يسبق عيد الفصح، ألا وهو رجال أمن يرتدون الزي الموحد الأسود والذين فرزتهم الحكومة الجديدة إلى تلك المنطقة لحراسة مداخل الحي ذي الغالبية المسيحية، وذلك ما طمأنها هي وغيرها من المسيحيين الذين أحسوا بالقلق في بداية الأمر بالنسبة لمسألة الاحتفال بشكل علني بأعيادهم الدينية.
وتعلق عميان على ذلك بقولها: “إنها ولادة جديدة لسوريا”.
“ليست منة من الحكومة”
لعل تلك الاحتفالات حظيت بدعم في العاصمة، من دون أن يتضح إن كان المسيحيون في بقية أنحاء سوريا قد شعروا بالحرية نفسها في ممارسة شعائرهم الدينية علناً، وذلك برأي كيفورك كيفوركيان، 80 عاماً، رئيس لجنة الطائفة لدى الكنيسة الأرمنية، إذ يقول: “لا نعرف ماذا يحدث خارج دمشق”، إذ يرى كيفوركيان بأن الحكومة الجديدة ترغب على الأرجح بأن تظهر مدى تسامحها أمام الصحفيين والزوار المتمركزين في العاصمة.
ولكن لم ترشح حتى مساء يوم الأحد أي أخبار تفيد وقوع أي عنف ضد الاحتفالات بعيد الفصح في مناطق أخرى من سوريا، غير أن تأمين الاحتفالات برأي كيفوركيان هو أقل ما يمكن للحكومة الجديدة أن تقدمه، ويتابع بالقول: “إن تمكن المسيحي من القدوم إلى الكنيسة يعتبر بادرة خير، لكنها ماتزال في حدودها الدنيا، لأنها ليست منة من الحكومة الجديدة”.
يتناول الموضوع نفسه بيرج بوغوصيان، 60 عاماً، وهو رئيس اللجنة التنفيذية للكنيسة، فيخبرنا بأن معظم الأرمن الذين يعرفهم يفكرون بالرحيل عن البلد بسبب خوفهم من القادم، لكنه قال يوم الأحد موجهاً كلامه للصحفيين: “أتمنى أن تعودوا فتجدوا الأمور أفضل مما هي عليه، وإن لم يحصل ذلك، فلن تجدونا هنا”.
في أثناء وقوفها خارج الكنيسة المريمية للروم الأورثوذوكس بدمشق، تتحدث غيداء حالوت (50 عاما) مع الصحيفة وهي تحمل بيدها بيضة ملونة، فتقول: “إننا معتادون على العيش بحرية وبالطريقة التي نريد، وليس لدينا أي مشكلة مع القادمين الجدد، ونتمنى ألا تكون لديهم مشكلة معنا”.
المصدر: The New York Times
شارك هذا المقال
#احتفالات #عيد #الفصح #بسوريا #تمر #بسلام #في #أول #اختبار #للحكومة #الجديدة
المصدر : مقيم أوروبا ومواقع انترنت وغوغل👇
إرسال التعليق
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.