طائفية متخفية بالإنسانية.. هل يستجيب القضاء لحراك “التجمع الفرنسي العلوي”؟
لم تكن وقفة العشرات في بوابة كليشي، أمام قصر العدل في العاصمة الفرنسية باريس استجابة لدعوات “التجمع الفرنسي العلوي”، إلا بمثابة حملة إشهار للدعوى التي رفعها التجمع ضد الرئيس السوري أحمد الشرع، ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية، في الحكومة الانتقالية، بالإضافة لقائد الفرقة 25، محمد الجاسم الملقب “أبو عمشة”.
ارتدى المحتجون يوم السبت الفائت أقنعة بيضاء، وحملوا لافتات “أوقفوا الإبادة الجماعية بحق العلويين”، ولافتات على شكل تابوت حملت شعار الصليب، وكتب عليها “غدا دورنا”. تتجاوز الوقفة أبعادا إنسانية، وتحمل في طياتها رسائل سياسية، وسط تقارب فرنسي سوري على مستوى الحكومات، وبوادر انفتاح على الحكم الجديد في سوريا، حيث كانت باريس المحطة الأولى لوزير الخارجية أسعد الشيباني في القارة العجوز، بعد قطيعة مع نظام الأسد، وأحكام أصدرتها المحاكم الفرنسية بحق رأس النظام وقادة الصف الأول في عدة قضايا.
بيان ومطالبات وأرقام لم توثق
طالب البيان بالوقف الفوري لجميع “الأعمال العدائية”، وانسحاب “الفصائل المسلحة” من الساحل السوري، وإطلاق سراح “المعتقلين” من أبناء الطائفة العلوية، وفرض حماية دولية عاجلة للطائفة العلوية، وفتح تحقيق دولي نزيه لتوثيق الجرائم وتصنيفها كجرائم ضد الإنسانية، وإرسال بعثة مراقبة دولية وخبراء حقوقيين مستقلين إلى المناطق المتضررة. ودعا البيان لوقف التمويل الأوروبي لما أسماه “المنظومة المتورطة بجرائم الحرب”، و”النظام فاقد الشرعية”. بالمقابل، كانت الرئاسة السورية، أعلنت الخميس، تمديد عمل لجنة التحقيق بأحداث الساحل لمدة ثلاثة أشهر، بغية إجراء تحقيق وطني بخصوص الانتهاكات بحق المدنيين، و”استكمال إنجاز مهمتها، واتخاذ الإجراءات المناسبة لذلك وفق الأصول المتبعة”.
وفيما وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 420 على يد “فصائل وتنظيمات غير منضبطة تتبع شكليا لوزارة الدفاع”، ومسؤولية العناصر الخارجة عن الدولة السورية من “فلول النظام” عن مقتل 383 شخصاً منهم 172 من عناصر الأمن العام، و211 مدنياً في أحداث الساحل السوري، زعم بيان التجمع الفرنسي أن عدد الضحايا من العلويين يزيد عن 2500 شخصاً، بما فيهم العناصر الخارجة عن الدولة السورية، وارتكاب القوات الحكومية أكثر من 50 مجزرة.
طائفية التجمع وخلفياته المؤيدة للنظام وحزب الله في القانون الفرنسي
يحظر القانون الفرنسي العلماني تشكيل التجمعات على أساس طائفي، ويرى رئيس “المجلس السوري الفرنسي” علي الزرقان أن ترخيص التجمع الفرنسي العلوي، القائم على أساس ديني وطائفي يحتاج لمراجعة من السلطات الفرنسية.
وأكد زرقان في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، نيّة المجلس السوري الفرنسي رفع دعوى قضائية ضد التجمع لتلفيق أخبار بحق رئيس الدولة السورية، من دون وجود أدلة مباشرة، ومحاربة أعضاء “التجمع الفرنسي العلوي” للسوريين، ووقوفهم مع نظام المخلوع بشار الأسد المتهم بجرائم حرب، والمطلوب في فرنسا بموجب مذكرة توقيف. كذلك فإن الناطقة الإعلامية باسم التجمع وهي دكتورة في القانون الدولي تساند حزب الله، المدرج على اللائحة الأوروبية للمنظمات الإنسانية.
وبحسب الزرقان، إن التجمع العلوي المؤسس منذ عدة أيام لا يمكنه التقدم بدعوى للقضاء الفرنسي، بسبب المدة الزمنية على إنشائه والتي لا تزيد عن أسبوع.
الولاية العالمية للقضاء
يوضح الناشط الحقوقي المقيم في فرنسا ثائر حجازي أن من حق النيابة العامة النظر في جرائم الإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب التي وقعت خارج الأراضي الفرنسية، وذلك تبعاً للولاية القضائية العالمية، وذلك على غرار عدة دعاوى تقدم بها ناشطون سوريون لملاحقة كبار مجرمي الحرب من نظام الأسد. تتعلق تلك الدعاوى بجرائم الأسلحة الكيماوية وغيرها، وإصدار مذكرات توقيف بحق ضباط برتب عالية.
وقال حجازي لموقع تلفزيون سوريا، تعتمد الولاية القضائية العالمية في فرنسا على مبدأ الارتباط بفرنسا، فالمتهمون بارتكاب الجرائم أو الضحايا يجب أن يكونوا حاملين للجنسية الفرنسية أو يقيمون على الأراضي الفرنسية، والبدء بالدعوى لا يعني البدء بالمحاكمات، وتتطلب دراسة صلة فرنسا بالوقائع والأدلة، وبعد تحقق تلك الشروط يمكن لقاضي التحقيق البدء بالاستماع للشهود والضحايا.
واستشهد حجازي بقرار محكمة الجنايات الفرنسية بإصدار مذكرة توقيف بحق علي مملوك بقضية مقتل السوري الفرنسي باتريك الدباغ، بعد تمكن أخيه من رفع الدعوى، وكذلك بمذكرة التوقيف بحق الرئيس السوري بتهمة التواطؤ في جريمة حلب، وذلك بقضية مقتل السوري الفرنسي صلاح أبو نبوت في درعا بقصف لمروحيات النظام عام 2017، بعدما تقدم نجله عمر بدعوى للقضاء الفرنسي.
الإنسانية لأغراض سياسية
يرى ناشطون سوريون في فرنسا التقاهم موقع تلفزيون سوريا أن التحركات السياسية والتظاهرات التي حضرها عدد من مناهضي الثورة السوية، على رأسهم الشاعر علي إسبر المعروف بأدونيس، ومؤيدون للنظام السابق، بعد مجازر الساحل السوري، تدعي تمثيل العلويين لكن غايتها تحقيق مكاسب سياسية، خاصة مع تكرار طلب الحماية الدولية، وإقامة إقليم الساحل، عبر بيانات صدرت عن شخصيات دينية وحقوقية ومدنية داخل سوريا وخارجها، وهدفها الأكبر استغلال تعاطف فرنسا مع الأقليات في سوريا، لوقف التحركات الدبلوماسية والانفتاح الفرنسي على السياسة السورية، ومحاولة الضغط لوقف الدعم الأوروبي لسوريا، والحفاظ على العقوبات الأوربية، ومنع الدبلوماسيين السوريين من دخول الأراضي الفرنسية وأوروبا، في ظل إعلان الاتحاد الأوربي تخفيف العقوبات المشروط بإجراء تحولات على الصعيدين السياسي والإداري، وحقوق الأقليات.
وأشار ناشطون ومختصون في القانون الدولي إلى أن ما حدث في الساحل لا يمكن إنكاره وأن هؤلاء الناشطين كانوا أول من انتقد وطالب الحكومة لإنقاذ الموقف وإحقاق العدالة، واستجاب الرئيس الشرع سريعاً بتدخل قوات الجيش الرسمية وإخراج القوات غير الرسمية من الساحل وإحداث لجنة تقصي حقائق، ولاقى هذا التحرك الجاد والسريع استحسان الناشطين الذين طالبوا بحقوق الضحايا والمتضررين في أحداث الساحل من دون تحريف الملف الإنساني لسياسي يصطاد في الماء العكر.
وأكد الناشطون في حديثهم لتلفزيون سوريا أن الإنسانية لا تميز بين طائفة وأخرى وأن أعضاء “التجمع الفرنسي العلوي” لم يطالبوا يوماً بحقوق السوريين وتجريم النظام على أقذر المجازر التي ارتكبها، بل على العكس كانوا من أشد المدافعين عن جرائمه وجرائم حزب الله في سوريا.
شارك هذا المقال
#طائفية #متخفية #بالإنسانية. #هل #يستجيب #القضاء #لحراك #التجمع #الفرنسي #العلوي
المصدر : مقيم أوروبا ومواقع انترنت وغوغل👇
إرسال التعليق
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.