أسواق متقلبة: هل يتلاعب ترامب بالرسوم لتحقيق مكاسب أخرى؟
ومع إغلاق الأسواق أبوابها لعطلة نهاية الأسبوع، يظل المستثمرون في حالة ترقب لما ستسفر عنه التسعين يوماً القادمة من مفاوضات. فالتخفيض المؤقت للرسوم الجمركية لا يعني إلغاءها بشكل دائم، كما أن الرسوم الباهظة المفروضة على الصين، أحد أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، لا تزال قائمة.
وفي خضم هذه التقلبات الحادة والغموض الذي يكتنف مستقبل العلاقات التجارية العالمية، تختلف التقديرات حول دلالات هذه القرارات وتأثيرها الحقيقي.
فبينما يرى المستشار الاقتصادي الدكتور أسامة القاضي في حديث خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن "الخسائر تطال الجميع في هذه المعركة، حتى المضاربين الذين قد يحققون مكاسب لاحقة، لأن الأسوأ هو انعدام الثقة في الأسواق مستقبلاً"، يؤكد الخبير المالي علي حمودي أن هذه السياسات خلقت حالة من عدم اليقين في الأسواق، وقد تكون وفّرت فرصاً لفئة محدودة من المستثمرين دون أن تعود بالنفع الحقيقي على الاقتصاد ككل.
الأسواق في أسبوع
وتفصيلاً، خسرت الأسواق في أسبوع واحد بعد رسوم ترامب أكثر من 6 تريليونات دولار، لكن الرئيس الأميركي لم يصمد طويلاً، حيث جاءت الشرارة الأولى من سوق السندات الأميركية، لتشهد الأسعار هبوطاً حاداً، تبعه انخفاض في مؤشرات الأسهم، وسط تحذيرات وانتقادات من مستثمرين كبار وقادة أعمال، الأمر الذي وضع ترامب تحت ضغط هائل وأدى به إلى التراجع عن الرسوم الجمركية قبل الموعد الذي كان متوقعاً.
وعلق ترامب الأربعاء الماضي العمل بتعريفاته "المتبادلة" الثقيلة واستبدلها بنسبة عالمية قدرها 10بالمئة لمدة 90 يوماً مستثنياً الصين من هذه الخطوة، لكنه صعّد في المقابل إجراءاته ضد بكين، لترتفع الأسهم بشكل كبير على وقع هذا الخبر، مسجلة أرقاماً تاريخية، حيث قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت إنها كانت خطة ترامب "طوال الوقت"، بحسب تقرير نشرته شبكة "سي إن بي سي" واطلعت عليه سكاي نيوز عربية.
وأضاف التقرير: "لكن ما إذا كانت الخطة جيدة أم لا، فهذا أمر آخر. يجب على المستثمرين ألا ينجرفوا وراء موجة النشوة في الأسواق. تذكروا أن ترامب سمح بتعليق لمدة 90 يوماً فقط لإبرام الصفقات. تعريفة الـ 10بالمئة ليست هي النسبة الدائمة. ولا تزال هناك تعريفات ضخمة على الصين، أحد أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة".
كما أن موجات الارتياح هي الأكثر انتشاراً خلال فترات الانحدار طويلة الأجل، مثل فقاعة الدوت كوم في العقد الأول من الألفية أو الأزمة المالية عام 2008. وبينما تجري المفاوضات، لا يزال عدم اليقين، آفة الأسواق، هو سيد الموقف، ويمكن أن يكون جزءاً من الخطة أيضاً — إذا كانت هناك خطة بالفعل، وفقاً لتقرير الشبكة الأميركية.
وأشار التقرير إلى ارتفاع هائل واستثنائي في سوق الأسهم، حيث ارتفعت الأسهم الأميركية بشكل صاروخي يوم الأربعاء وسط موجة انتعاش اجتاحت الأسواق. وارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 9.52 بالمئة ليسجل أكبر مكسب له في يوم واحد منذ عام 2008 وثالث أكبر قفزة في تاريخ ما بعد الحرب العالمية الثانية. وقفز مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 7.87 بالمئة، وهو أكبر تقدم له منذ مارس 2020.
وصعد مؤشر ناسداك المركب بنسبة 12.16بالمئة، مسجلاً أكبر مكسب له في يوم واحد منذ يناير 2001 وثاني أفضل يوم له على الإطلاق. وتم تداول حوالي 30 مليار سهم، مما يجعله اليوم الأكثر كثافة في حجم التداول في وول ستريت في التاريخ، وفقاً لسجلات تعود إلى 18 عاماً
ومع ذلك يوضح التقرير أنه قد يكون من السابق لأوانه الاحتفال بمكاسب السوق. سجل مؤشر ناسداك المركب ثاني أفضل يوم له يوم الأربعاء، متخلفاً فقط عن قفزته البالغة 14.17 بالمئة في يناير 2001 — والتي كانت في منتصف انهيار الدوت كوم. وخلال الأزمة المالية في أكتوبر 2008، شهد مؤشر ناسداك اثنين من أفضل خمسة أيام له على الإطلاق. أطلق عليه اسم "ارتداد لقطة ميتة" أو موجة ارتداد أو تغطية مراكز بيع على المكشوف.
كما ارتفعت أسواق آسيا والمحيط الهادئ جنباً إلى جنب مع وول ستريت يوم الخميس الماضي. وارتفع مؤشر نيكاي 225 الياباني بأكثر من 8 بالمئة وقفز مؤشر كوسبي الكوري الجنوبي بأكثر من 6 بالمئة. وقد غذت المكاسب في شركات التكنولوجيا الآسيوية العملاقة مثل رينيساس إلكترون وسوفت بنك جروب وإس كيه هاينكس وسامسونج إلكترونيكس كلا المؤشرين. ومع ذلك، لم ترتفع الأسهم المدرجة في هونغ كونغ بنفس القدر، حيث تضاءلت معنويات المستثمرين بسبب تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وفي آخر جلسات الأسبوع، ارتفعت المؤشرات الأميركية مع تراجع مؤشر الخوف في وول ستريت، بعد إعلان البيت الأبيض تفاؤل الرئيس "دونالد ترامب" بالتوصل لاتفاق مع الصين، لتنهي المؤشرات سلسلة خسائر امتدت أسبوعين متتاليين.
وفي نهاية تعاملات الجمعة، صعد "داو جونز" بنسبة 1.55 بالمئة أو 619 نقطة عند 40212 نقطة، ليحقق المؤشر الصناعي مكاسب هذا الأسبوع بنسبة 4.95 بالمئة، فيما ارتفع "إس آند بي 500" بنحو 1.8بالمئة أو ما يعادل 95 نقطة عند 5363 نقطة، ليرتفع مؤشر السوق الأميركي بنسبة 5.7 بالمئة هذا الأسبوع.
وأضاف "ناسداك" المركب أكثر من 2 بالمئة أو 337 نقطة ليغلق عند 16724 نقطة، ليصعد مؤشر التكنولوجيا منذ بداية الأسبوع بنسبة 7.3 بالمئة.
خسائر الأسواق تطال الأميركيين قبل غيرهم
وفي حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، ذكر المستشار الاقتصادي الدكتور أسامة القاضي إلى أن ما يحدث حالياً على صعيد الرسوم الجمركية يعكس "سوء تقدير واضح من كبار المستشارين الاقتصاديين للرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير خارجيته"، واصفاً تلك القرارات بأنها "غير محسوبة على الإطلاق، وكان من الممكن أن تكون أكثر فاعلية لو تم اعتماد نهج المفاوضات الثنائية مع الدول الأكثر تأثيراً على الميزان التجاري الأميركي".
وأوضح أن "الولايات المتحدة تسجل عجزاً تجارياً يصل إلى 1.2 تريليون دولار، حيث تستورد بما قيمته 3 تريليونات دولار، بينما لا تتجاوز صادراتها 1.82 تريليون دولار، وكان الأجدر التركيز على معالجة هذا العجز عبر أدوات أكثر فاعلية من فرض رسوم جمركية شاملة"، لافتاً إلى أن "الأسواق خسرت في أسبوع واحد نحو 6 تريليونات دولار، وهي خسائر تطال الأميركيين أولاً قبل غيرهم، وتهدد بثقة المستثمرين في سوقي الأسهم والسندات الأميركيين".
وأكد الدكتور القاضي أن "الخطأ الجوهري في تفكير مستشاري ترامب يكمن في تبنيهم عقلية تعود إلى القرن التاسع عشر، وكأن الولايات المتحدة لا تزال تملك كافة الصناعات، ويريدون حمايتها من المنافسة الخارجية، متجاهلين واقع الاقتصاد العالمي وتشابكاته".
كما حذر من أن المستشارين "يتغاضون عن حقيقة وجود استثمارات أميركية تقدر بنحو 6.6 تريليون دولار خارج الولايات المتحدة، ومع فرض الرسوم الجمركية فإنهم في الواقع يفرضون أعباءً إضافية على مصانع أميركية منتشرة حول العالم، من دون تقديم إجابات واضحة بشأن جدوى إعادة تلك الاستثمارات إلى الداخل الأميركي"، مضيفاً أن "ارتفاع تكلفة اليد العاملة، وتعقيدات البيروقراطية المرتبطة بنقابات العمال، والتأمين الصحي، ورفع الأجور، وعدد الإجازات، جميعها تحديات تجعل من إعادة التوطين الصناعي داخل الولايات المتحدة عملية غير مجدية اقتصادياً".
الأسوأ هو انعدام الثقة في الأسواق مستقبلاً
ولفت إلى أن "إعادة بناء المصانع الأميركية في الداخل بعد إغلاقها في الخارج، مثل مصانع 'إنتل' أو 'بوينغ' أو 'آبل' في فيتنام، قد تستغرق ما بين عامين إلى ثلاثة، وهي فترة كفيلة بتعميق خسائر الأسواق وربما توقفها عن العمل"، متسائلاً: "كم ستكون تكلفة المنتج الأميركي بعد عودته إلى الداخل؟ وهل سيبقى قادراً على المنافسة إذا ارتفعت أسعاره إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف؟".
وأضاف المستشار الاقتصادي الدكتور القاضي أن "الخسائر تطال الجميع في هذه المعركة، حتى المضاربين الذين قد يحققون مكاسب لاحقة، لأن الأسوأ هو انعدام الثقة في الأسواق مستقبلاً"، مشيراً إلى أن "المستشارين تجاهلوا أيضاً التداعيات الجيوسياسية طويلة الأمد، إذ تسببت تلك السياسات الجمركية غير المدروسة في إخافة شركاء الولايات المتحدة من مثل كندا واليابان وأوروبا، مما سيدفعهم إلى البحث عن شركاء أكثر استقراراً وثقة، وقد يعيد ذلك تشكيل ملامح النظام التجاري العالمي".
بدوره، قال الخبير الاقتصادي والمالي علي حمودي في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن من الصعب الجزم بما إذا كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد استخدم إعلانات الرسوم الجمركية كأداة للتلاعب بالأسواق وتحقيق مكاسب شخصية أو خدمة لمصالح داعميه من الأثرياء، دون الوصول إلى معلومات غير معلنة أو إجراء تحقيق شامل في هذا السياق.
وأشار حمودي إلى أن هناك جملة من المؤشرات التي دفعت البعض لطرح تساؤلات جدّية حول توقيت تلك الإعلانات وطريقة توظيفها، خاصة أن عدداً منها جاء متزامناً مع فترات حساسة في الأسواق المالية، أو خلال لحظات تعرضت فيها إدارة ترامب لضغوط سياسية داخلية، ما يثير الشكوك حول احتمالية استغلالها بشكل استراتيجي للتأثير على معنويات السوق.
وأضاف: "إن الرسائل المتضاربة الصادرة عن الإدارة الأميركية بشأن السياسات التجارية خلقت مناخاً من الضبابية وعدم اليقين لدى المستثمرين، ما أدى إلى تقلبات حادة، كان من الممكن أن يستفيد منها بعض المتعاملين المطلعين أو من يمتلكون استراتيجيات تداول معقدة. كما لا يمكن إغفال العلاقات الوثيقة التي جمعت ترامب بعدد من الأثرياء وأصحاب الشركات الكبرى، والذين ربما تمكنوا من الاستفادة المباشرة أو غير المباشرة من هذه التغيرات المفاجئة في السياسات الجمركية".
التأثيرات الناجمة عن الرسوم معقدة ومتعددة الأبعاد
وأكد حمودي أن التأثيرات الناجمة عن هذه الرسوم كانت معقدة ومتعددة الأبعاد، إذ شهدت الأسواق الأميركية مكاسب مؤقتة في بعض القطاعات، إلا أن الصورة العامة تُظهر أن هذه السياسات ساهمت في تعميق حالة التذبذب، وأضعفت من استقرار السوق على المدى الطويل.
وأوضح أن حتى في حال لم يكن التلاعب مقصوداً، فإن سياسة المفاجآت الجمركية أدت إلى زعزعة الثقة بين المستثمرين، وخلقت بيئة يسودها الشك وعدم القدرة على التنبؤ، وهي عوامل لطالما كانت طاردة لرؤوس الأموال على المدى المتوسط والطويل.
وتابع قائلاً إن نتائج فرض الرسوم الجمركية لا تقتصر على الأسواق المالية فقط، بل تنعكس أيضاً على المستهلك الأميركي الذي يواجه ارتفاعاً في الأسعار، كما تؤثر سلباً على تنافسية الشركات الأميركية في الخارج، وتؤدي إلى توتر العلاقات مع الشركاء التجاريين مثل كندا واليابان وأوروبا، وهو ما قد يدفعهم للبحث عن شركاء بديلين أكثر استقراراً.
وختم الخبير الاقتصادي والمالي حمودي بقوله: "على الرغم من أن بعض القطاعات والأفراد ربما استفادوا من إعلانات ترامب بشأن الرسوم الجمركية، إلا أن التأثير الاقتصادي العام كان سلبياً على الأرجح، ولا تزال عواقبها طويلة المدى ملموسة. من الضروري مراعاة السياق الاقتصادي الأوسع واحتمالية حدوث عواقب غير مقصودة عند تقييم آثار السياسات التجارية".
“>
فبعد ساعات قليلة من فرضه رسوماً جمركية “متبادلة” ثقيلة على نطاق واسع، عاد الرئيس الأميركي ليُعلن عن توقف مؤقت لهذه الإجراءات التصعيدية، مستبدلاً إياها بمعدل عالمي للرسوم الجمركية بنسبة 10 بالمئة لمدة تسعين يوماً، بهدف إتاحة الفرصة للمفاوضات.
هذا التقلب الحاد في السياسة التجارية الأميركية، أطلق شرارة ارتفاع هائل في أسواق الأسهم، وصل في بعض المؤشرات إلى مستويات استثنائية.
لكن، وبين نشوة المكاسب السريعة التي احتفت بها الأسواق يوم الأربعاء، والتي جاءت بعد أيام من اللون الأحمر الذي خيّم على شاشات التداول بفعل المخاوف من تصاعد الحرب التجارية، يبرز سؤال جوهري: هل هذا الارتفاع هو انعكاس حقيقي لثقة متجددة في الاقتصاد العالمي، أم أنه مجرد رد فعل مؤقت لقرار متقلب آخر في سلسلة قرارات ترامب غير المتوقعة؟
فموجات الارتداد الاقتصادي تاريخياً غالباً ما تظهر في خضم فترات الركود الطويلة، مما يستدعي الحذر وعدم الانجراف وراء النشوة اللحظية.
ومع إغلاق الأسواق أبوابها لعطلة نهاية الأسبوع، يظل المستثمرون في حالة ترقب لما ستسفر عنه التسعين يوماً القادمة من مفاوضات. فالتخفيض المؤقت للرسوم الجمركية لا يعني إلغاءها بشكل دائم، كما أن الرسوم الباهظة المفروضة على الصين، أحد أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، لا تزال قائمة.
وفي خضم هذه التقلبات الحادة والغموض الذي يكتنف مستقبل العلاقات التجارية العالمية، تختلف التقديرات حول دلالات هذه القرارات وتأثيرها الحقيقي.
فبينما يرى المستشار الاقتصادي الدكتور أسامة القاضي في حديث خاص لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن “الخسائر تطال الجميع في هذه المعركة، حتى المضاربين الذين قد يحققون مكاسب لاحقة، لأن الأسوأ هو انعدام الثقة في الأسواق مستقبلاً”، يؤكد الخبير المالي علي حمودي أن هذه السياسات خلقت حالة من عدم اليقين في الأسواق، وقد تكون وفّرت فرصاً لفئة محدودة من المستثمرين دون أن تعود بالنفع الحقيقي على الاقتصاد ككل.
الأسواق في أسبوع
وتفصيلاً، خسرت الأسواق في أسبوع واحد بعد رسوم ترامب أكثر من 6 تريليونات دولار، لكن الرئيس الأميركي لم يصمد طويلاً، حيث جاءت الشرارة الأولى من سوق السندات الأميركية، لتشهد الأسعار هبوطاً حاداً، تبعه انخفاض في مؤشرات الأسهم، وسط تحذيرات وانتقادات من مستثمرين كبار وقادة أعمال، الأمر الذي وضع ترامب تحت ضغط هائل وأدى به إلى التراجع عن الرسوم الجمركية قبل الموعد الذي كان متوقعاً.
وعلق ترامب الأربعاء الماضي العمل بتعريفاته “المتبادلة” الثقيلة واستبدلها بنسبة عالمية قدرها 10بالمئة لمدة 90 يوماً مستثنياً الصين من هذه الخطوة، لكنه صعّد في المقابل إجراءاته ضد بكين، لترتفع الأسهم بشكل كبير على وقع هذا الخبر، مسجلة أرقاماً تاريخية، حيث قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت إنها كانت خطة ترامب “طوال الوقت”، بحسب تقرير نشرته شبكة “سي إن بي سي” واطلعت عليه سكاي نيوز عربية.
وأضاف التقرير: “لكن ما إذا كانت الخطة جيدة أم لا، فهذا أمر آخر. يجب على المستثمرين ألا ينجرفوا وراء موجة النشوة في الأسواق. تذكروا أن ترامب سمح بتعليق لمدة 90 يوماً فقط لإبرام الصفقات. تعريفة الـ 10بالمئة ليست هي النسبة الدائمة. ولا تزال هناك تعريفات ضخمة على الصين، أحد أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة”.
كما أن موجات الارتياح هي الأكثر انتشاراً خلال فترات الانحدار طويلة الأجل، مثل فقاعة الدوت كوم في العقد الأول من الألفية أو الأزمة المالية عام 2008. وبينما تجري المفاوضات، لا يزال عدم اليقين، آفة الأسواق، هو سيد الموقف، ويمكن أن يكون جزءاً من الخطة أيضاً — إذا كانت هناك خطة بالفعل، وفقاً لتقرير الشبكة الأميركية.
وأشار التقرير إلى ارتفاع هائل واستثنائي في سوق الأسهم، حيث ارتفعت الأسهم الأميركية بشكل صاروخي يوم الأربعاء وسط موجة انتعاش اجتاحت الأسواق. وارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 9.52 بالمئة ليسجل أكبر مكسب له في يوم واحد منذ عام 2008 وثالث أكبر قفزة في تاريخ ما بعد الحرب العالمية الثانية. وقفز مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 7.87 بالمئة، وهو أكبر تقدم له منذ مارس 2020.
وصعد مؤشر ناسداك المركب بنسبة 12.16بالمئة، مسجلاً أكبر مكسب له في يوم واحد منذ يناير 2001 وثاني أفضل يوم له على الإطلاق. وتم تداول حوالي 30 مليار سهم، مما يجعله اليوم الأكثر كثافة في حجم التداول في وول ستريت في التاريخ، وفقاً لسجلات تعود إلى 18 عاماً
ومع ذلك يوضح التقرير أنه قد يكون من السابق لأوانه الاحتفال بمكاسب السوق. سجل مؤشر ناسداك المركب ثاني أفضل يوم له يوم الأربعاء، متخلفاً فقط عن قفزته البالغة 14.17 بالمئة في يناير 2001 — والتي كانت في منتصف انهيار الدوت كوم. وخلال الأزمة المالية في أكتوبر 2008، شهد مؤشر ناسداك اثنين من أفضل خمسة أيام له على الإطلاق. أطلق عليه اسم “ارتداد لقطة ميتة” أو موجة ارتداد أو تغطية مراكز بيع على المكشوف.
كما ارتفعت أسواق آسيا والمحيط الهادئ جنباً إلى جنب مع وول ستريت يوم الخميس الماضي. وارتفع مؤشر نيكاي 225 الياباني بأكثر من 8 بالمئة وقفز مؤشر كوسبي الكوري الجنوبي بأكثر من 6 بالمئة. وقد غذت المكاسب في شركات التكنولوجيا الآسيوية العملاقة مثل رينيساس إلكترون وسوفت بنك جروب وإس كيه هاينكس وسامسونج إلكترونيكس كلا المؤشرين. ومع ذلك، لم ترتفع الأسهم المدرجة في هونغ كونغ بنفس القدر، حيث تضاءلت معنويات المستثمرين بسبب تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وفي آخر جلسات الأسبوع، ارتفعت المؤشرات الأميركية مع تراجع مؤشر الخوف في وول ستريت، بعد إعلان البيت الأبيض تفاؤل الرئيس “دونالد ترامب” بالتوصل لاتفاق مع الصين، لتنهي المؤشرات سلسلة خسائر امتدت أسبوعين متتاليين.
وفي نهاية تعاملات الجمعة، صعد “داو جونز” بنسبة 1.55 بالمئة أو 619 نقطة عند 40212 نقطة، ليحقق المؤشر الصناعي مكاسب هذا الأسبوع بنسبة 4.95 بالمئة، فيما ارتفع “إس آند بي 500” بنحو 1.8بالمئة أو ما يعادل 95 نقطة عند 5363 نقطة، ليرتفع مؤشر السوق الأميركي بنسبة 5.7 بالمئة هذا الأسبوع.
وأضاف “ناسداك” المركب أكثر من 2 بالمئة أو 337 نقطة ليغلق عند 16724 نقطة، ليصعد مؤشر التكنولوجيا منذ بداية الأسبوع بنسبة 7.3 بالمئة.
خسائر الأسواق تطال الأميركيين قبل غيرهم
وفي حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، ذكر المستشار الاقتصادي الدكتور أسامة القاضي إلى أن ما يحدث حالياً على صعيد الرسوم الجمركية يعكس “سوء تقدير واضح من كبار المستشارين الاقتصاديين للرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير خارجيته”، واصفاً تلك القرارات بأنها “غير محسوبة على الإطلاق، وكان من الممكن أن تكون أكثر فاعلية لو تم اعتماد نهج المفاوضات الثنائية مع الدول الأكثر تأثيراً على الميزان التجاري الأميركي”.
وأوضح أن “الولايات المتحدة تسجل عجزاً تجارياً يصل إلى 1.2 تريليون دولار، حيث تستورد بما قيمته 3 تريليونات دولار، بينما لا تتجاوز صادراتها 1.82 تريليون دولار، وكان الأجدر التركيز على معالجة هذا العجز عبر أدوات أكثر فاعلية من فرض رسوم جمركية شاملة”، لافتاً إلى أن “الأسواق خسرت في أسبوع واحد نحو 6 تريليونات دولار، وهي خسائر تطال الأميركيين أولاً قبل غيرهم، وتهدد بثقة المستثمرين في سوقي الأسهم والسندات الأميركيين”.
وأكد الدكتور القاضي أن “الخطأ الجوهري في تفكير مستشاري ترامب يكمن في تبنيهم عقلية تعود إلى القرن التاسع عشر، وكأن الولايات المتحدة لا تزال تملك كافة الصناعات، ويريدون حمايتها من المنافسة الخارجية، متجاهلين واقع الاقتصاد العالمي وتشابكاته”.
كما حذر من أن المستشارين “يتغاضون عن حقيقة وجود استثمارات أميركية تقدر بنحو 6.6 تريليون دولار خارج الولايات المتحدة، ومع فرض الرسوم الجمركية فإنهم في الواقع يفرضون أعباءً إضافية على مصانع أميركية منتشرة حول العالم، من دون تقديم إجابات واضحة بشأن جدوى إعادة تلك الاستثمارات إلى الداخل الأميركي”، مضيفاً أن “ارتفاع تكلفة اليد العاملة، وتعقيدات البيروقراطية المرتبطة بنقابات العمال، والتأمين الصحي، ورفع الأجور، وعدد الإجازات، جميعها تحديات تجعل من إعادة التوطين الصناعي داخل الولايات المتحدة عملية غير مجدية اقتصادياً”.
الأسوأ هو انعدام الثقة في الأسواق مستقبلاً
ولفت إلى أن “إعادة بناء المصانع الأميركية في الداخل بعد إغلاقها في الخارج، مثل مصانع ‘إنتل’ أو ‘بوينغ’ أو ‘آبل’ في فيتنام، قد تستغرق ما بين عامين إلى ثلاثة، وهي فترة كفيلة بتعميق خسائر الأسواق وربما توقفها عن العمل”، متسائلاً: “كم ستكون تكلفة المنتج الأميركي بعد عودته إلى الداخل؟ وهل سيبقى قادراً على المنافسة إذا ارتفعت أسعاره إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف؟”.
وأضاف المستشار الاقتصادي الدكتور القاضي أن “الخسائر تطال الجميع في هذه المعركة، حتى المضاربين الذين قد يحققون مكاسب لاحقة، لأن الأسوأ هو انعدام الثقة في الأسواق مستقبلاً”، مشيراً إلى أن “المستشارين تجاهلوا أيضاً التداعيات الجيوسياسية طويلة الأمد، إذ تسببت تلك السياسات الجمركية غير المدروسة في إخافة شركاء الولايات المتحدة من مثل كندا واليابان وأوروبا، مما سيدفعهم إلى البحث عن شركاء أكثر استقراراً وثقة، وقد يعيد ذلك تشكيل ملامح النظام التجاري العالمي”.
بدوره، قال الخبير الاقتصادي والمالي علي حمودي في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن من الصعب الجزم بما إذا كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد استخدم إعلانات الرسوم الجمركية كأداة للتلاعب بالأسواق وتحقيق مكاسب شخصية أو خدمة لمصالح داعميه من الأثرياء، دون الوصول إلى معلومات غير معلنة أو إجراء تحقيق شامل في هذا السياق.
وأشار حمودي إلى أن هناك جملة من المؤشرات التي دفعت البعض لطرح تساؤلات جدّية حول توقيت تلك الإعلانات وطريقة توظيفها، خاصة أن عدداً منها جاء متزامناً مع فترات حساسة في الأسواق المالية، أو خلال لحظات تعرضت فيها إدارة ترامب لضغوط سياسية داخلية، ما يثير الشكوك حول احتمالية استغلالها بشكل استراتيجي للتأثير على معنويات السوق.
وأضاف: “إن الرسائل المتضاربة الصادرة عن الإدارة الأميركية بشأن السياسات التجارية خلقت مناخاً من الضبابية وعدم اليقين لدى المستثمرين، ما أدى إلى تقلبات حادة، كان من الممكن أن يستفيد منها بعض المتعاملين المطلعين أو من يمتلكون استراتيجيات تداول معقدة. كما لا يمكن إغفال العلاقات الوثيقة التي جمعت ترامب بعدد من الأثرياء وأصحاب الشركات الكبرى، والذين ربما تمكنوا من الاستفادة المباشرة أو غير المباشرة من هذه التغيرات المفاجئة في السياسات الجمركية”.
التأثيرات الناجمة عن الرسوم معقدة ومتعددة الأبعاد
وأكد حمودي أن التأثيرات الناجمة عن هذه الرسوم كانت معقدة ومتعددة الأبعاد، إذ شهدت الأسواق الأميركية مكاسب مؤقتة في بعض القطاعات، إلا أن الصورة العامة تُظهر أن هذه السياسات ساهمت في تعميق حالة التذبذب، وأضعفت من استقرار السوق على المدى الطويل.
وأوضح أن حتى في حال لم يكن التلاعب مقصوداً، فإن سياسة المفاجآت الجمركية أدت إلى زعزعة الثقة بين المستثمرين، وخلقت بيئة يسودها الشك وعدم القدرة على التنبؤ، وهي عوامل لطالما كانت طاردة لرؤوس الأموال على المدى المتوسط والطويل.
وتابع قائلاً إن نتائج فرض الرسوم الجمركية لا تقتصر على الأسواق المالية فقط، بل تنعكس أيضاً على المستهلك الأميركي الذي يواجه ارتفاعاً في الأسعار، كما تؤثر سلباً على تنافسية الشركات الأميركية في الخارج، وتؤدي إلى توتر العلاقات مع الشركاء التجاريين مثل كندا واليابان وأوروبا، وهو ما قد يدفعهم للبحث عن شركاء بديلين أكثر استقراراً.
وختم الخبير الاقتصادي والمالي حمودي بقوله: “على الرغم من أن بعض القطاعات والأفراد ربما استفادوا من إعلانات ترامب بشأن الرسوم الجمركية، إلا أن التأثير الاقتصادي العام كان سلبياً على الأرجح، ولا تزال عواقبها طويلة المدى ملموسة. من الضروري مراعاة السياق الاقتصادي الأوسع واحتمالية حدوث عواقب غير مقصودة عند تقييم آثار السياسات التجارية”.
#أسواق #متقلبة #هل #يتلاعب #ترامب #بالرسوم #لتحقيق #مكاسب #أخرى
المصدر : مقيم أوروبا ومواقع انترنت وغوغل👇
إرسال التعليق
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.