لم تتخيَّل مريم أبو طالب يوماً أن تتحوَّل مذكَّراتها إلى لوحاتٍ فنيَّةٍ، وأن تنسج بمشاعرها حروفاً، تترابطُ لتصبحَ تكويناتٍ إبداعيَّةً فريدةً. الصدفةُ، هي التي فتحت أمامها طريقاً، لم تُخطِّط له، فصارت فنَّانةً متخصِّصةً في فنِّ الحروفيَّات، وتزيِّن لوحاتُها المعارضَ المحليَّة والعالميَّة. من داخلِ الاستديو الخاصِّ بها شاركت مريم «سيدتي» رحلتها وأحلامها.
مريم أبو طالب
تخرَّجت مريم في قسمِ التصميمِ بالجامعة الأمريكيَّة في القاهرة، وتعرَّفت إلى الخطِّ العربي للمرَّة الأولى خلال دراستها الجامعيَّة، وبدأت تلمسُ شغفها بالحروفِ وأشكالها، لذا قرَّرت أن يكون مشروعُ تخرُّجها عملاً فنياً، تستخدمُ فيه الحروف. كان عبارةً عن توثيقٍ للأغنياتِ الشعبيَّة في مدينةِ بورسعيد، والشرقيَّة بشكلٍ بصري فريدٍ.
وبعد التخرُّج، بدأت رحلتها الفنيَّة باكتشافِ الخطِّ العربي، ذلك الموضوعُ الذي كان يوماً مجرَّد هوايةٍ، إذ عدَّت الفنَّانةُ الخطَّ العربي أداةً قويَّةً لاستكشافِ أعماقِ ذاتها، واستخدمت مذكَّراتها وأفكارها مصدراً لإبداعِ تكويناتٍ بصريَّةٍ، تعتمدُ على الخطِّ العربي، ما أتاح لها التعبيرَ عن مشاعرها بطريقةٍ حرَّةٍ دون قيودٍ. تقولُ: «إثر تخرُّجي، أخذتُ أكتب مذكَّراتي، ومع الوقتِ، شعرت بأن الخطَّ أداةٌ قويَّةٌ جداً، يمكن استخدامها للتعبيرِ بطريقةٍ بصريَّةٍ عن مشاعري وأفكاري. رأيتُ أيضاً أن الكتابةَ وسيلةٌ للتواصلِ حتى إذا لم تكن الحروفُ المكتوبة مقروءةً بشكلٍ مفهومٍ، إذ إن الحروفَ والكتابةَ لها قدرةٌ على توصيلِ إحساسٍ معيَّنٍ».
انتقلت مريم من الكتابةِ على الورقِ إلى القماش، وأضاف ذلك بُعداً جديداً لتجربتها الإبداعيَّة. حدَّثتنا عن ذلك بتأثُّرٍ: «في البدايةِ، كنت أكتبُ فقط على الأوراق، لكنْ بالصدفة، وجدتُ أمامي قطعةَ قماشٍ، فأمسكتُ بالفرشاةِ، وجرَّبتُ الكتابةَ عليها. لقد وجدتُ بها مساحةً مختلفةً تماماً عن الورقةِ والقلم. شعرتُ بأن أفكاري، ومشاعري، تخرجُ بانسيابيَّةٍ أكبر على القماش. القماشُ حقاً يأخذ من روحِ الحرف، لذا أحببتُ الكتابةَ عليه أكثر».
هل أنت مهتمة بمتابعة لقاءات مع فنان متخصص في فنِّ الحروفيَّات ..تابعي اللقاء مع الفنان خالد المطلق
“أفكاري ومشاعري تخرج بانسيابية أكبر على القماش، فهو يأخذ من روح الحرف ووجدت به مساحة مختلفة عن الورقة والقلم”
تجربةُ الفنَّانةِ تطوَّرت تدريجياً، وأصبح لديها أسلوبٌ فنِّي فريدٌ، ووجدت اهتماماً وتشجيعاً من الجمهورِ والنقَّاد، ما دفعها للمشاركةِ في معارضَ محليَّةٍ ودوليَّةٍ، منها أوَّلُ معرضٍ في «بينالي كتاب الفنَّان» بمكتبةِ الإسكندريَّة عامَ 2022. وشاركت مريم للمرَّة الأولى بعملٍ فنِّي على القماشِ مقروءٍ بشكلٍ واضحٍ، تمثَّل في كتابةِ مواويلَ غنائيَّةٍ، وشكَّل تجربةً ثريَّةً جداً بالنسبةِ لها.
سألناها عن تجربتها في تحويلِ هوايتها إلى عملٍ احترافي، وكيف ساعدها التجريبُ المستمرُّ في تطويرِ أسلوبها الفنِّي الفريد، فأجابت بفخرٍ: «لم أقرِّر تحويلَ هوايتي إلى شكلٍ احترافي. الموضوعُ تحوَّل تدريجياً جداً. بدأتُ أشعرُ بأن شيئاً ما يحدث».
وعن التحدِّيات، تشيرُ مريم إلى أنها واجهت صعوباتٍ في البدايةِ بسبب صغرِ سنِّها، إذ بدأت مسيرتها الفنيَّة في عمر 23 عاماً، ما أثار دهشةَ بعضهم، لكنْ بمرورِ الوقت، أثبتت نفسها بطريقتها الخاصَّة، ما جعل موضوعَ العمرِ ميزةً، أسهمت في إبرازها بوصفها فنَّانةً مستقلَّةً، وساعدها في ذلك صقلُ موهبتها باستمرارٍ عبر دراسةِ فنِّ الخطِّ العربي. تذكرُ مريم عنه: «فنُّ الحروفيَّات يختلفُ عن فنِّ الكاليجرافي. صحيحٌ أنا لا أستخدمُ القواعد، لكنْ معرفتي بقواعدِ الخطِّ ساعدتني في توظيفِ الحروفِ بالطريقةِ التي أحبُّها».
وبناءً على تجربتها، شدَّدت مريم على أهميَّة التعبيرِ عن المشاعرِ للصحَّة النفسيَّة، وتعدُّ ذلك جزءاً أساسياً من حياتها اليوميَّة، وتوضحُ أن بعض الأعمالِ تعكسُ مشاعرَ شخصيَّةً، بينما تسعى أخرى لاستكشافِ تجاربَ جديدةٍ.
وعن أحلامها المستقبليَّة، تقولُ: «لا يوجدُ حلمٌ معيَّنٌ، أو هدفٌ أسعى لتحقيقه. هدفي أن أستمرَّ في تجربةِ كلِّ شيءٍ له علاقةٌ بالخط، وأن أسمح لنفسي بالتعبيرِ عن مشاعري أكثر، وبالتأكيدِ أن ألعبَ أكثر في شكلِ الحروفِ، وأبتكرَ تكويناتٍ بصريَّةً مختلفةً».
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط
#الفنانة #المصرية #مريم #أبو #طالبأعمالي #حروف #فنيةتسطر #عمق #المشاعر
إرسال التعليق
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.