حكايات قبل النوم للأطفال ما زالت تحتفظ ببريقها ودفئها وحلاوتها في عيون وقلوب وآذان الصغار، رغم كل سبل التكنولوجيا الحديثة بقصصها وألعابها وبرامجها الجذابة؛ فالأطفال يتراصون قبل النوم حول أمهم، وكلهم لهفة لسماع القصة الجديدة، والأم من قبلهم قد أعدت بعقلها ما تنوي حكايته، واختارت القيمة الخلقية التي ستضعها اليوم على لسان أبطال القصة؛ حيواناً كان أو طفلاً صغيراً. والآن هيا بنا نستمع لثلاث قصص مختلفة تحكي عن مفهوم الصداقة ومواصفات الصديق الحق.
عاليا وصديقتها رانيا
ما إن توقفت حافلة المدرسة التي تقل عاليا الصغيرة -7 سنوات- أمام بوابة منزلها؛ ظهرت علامات الغضب على ملامحها واضحة، وشاهدناها تجري لتبحث عن أمها، ودموعها تختلط بحروف كلماتها؛ لتحكي لها عن مشكلتها الكبرى التي حدثت بالمدرسة، والتي أوجعت قلبها وشغلت عقلها.
مشكلة عاليا، يا صديقاتي، أن لديها صديقة واحدة فقط اسمها “رانيا”، في حين الزميلات الأخريات بالفصل لديهن أربع أو خمس زميلات، يلعبن ويمرحن معاً، وإن جلسن مع بعضهن بعضاً كانت الدائرة واسعة.
ماذا أفعل يا أمي؟ ماذا فعلت يا أمي؟ أنا أحب كل زميلاتي، ولم أرتكب أي خطأ من أجله يرفضن صداقتي! كتمت الأم ابتسامتها، وهي تستمع لابنتها ولم تجد جواباً؛ فقامت من الفور بضم عاليا إلى صدرها لتهدأ، وبأصابعها الحنون مسحت دموع عاليا لتسترخي وتستريح، وهنا بدأت الأم أولى حكاياتها الثلاث:
الحكاية الأولى: مرض مصطفى يكشف أصدقاءه!
كان هناك ولد اسمه مصطفى، وكان لديه الكثير من الأصدقاء في المدرسة، ودائماً يُحدث نفسه ويقول: كم أنا محظوظ بهذا العدد الكبير من الأصدقاء! في حين كان لزميله محمد بالصف أصدقاء أقل، وكان يمضي معظم الوقت معهم، لمساعدتهم في فهم دروسهم والقيام بواجباتهم المدرسية؛ فهو الأول في صفه، وكان يشعر بالفرح الكبير عند مساعدتهم، وكان يعتقد أن أصدقاءه يستحقون ما يفعله معهم.
وفي أحد الأيام أُصيب مصطفى بوعكة صحية أدخلته المستشفى، وظل فترة طويلة؛ ما اضطره إلى التغيب عن المدرسة، لكنه تفاجأ أن أصدقاءه الكثيرين لم يسألوا عنه أبداً، إلا صديقه محمد الذي جاء لزيارته أكتر من مرة، واستمر مرض مصطفى الشديد، وظل متغيباً عن المدرسة فتراكمت الواجبات عليه.
وكان صديقه محمد دائماً ما يخبره عند زيارته عما يأخذه من دروس، ويساعده في شرحها وحل الواجبات، حتى تمكن مصطفى من فهم كل الدروس التي لم يحضرها، وكان يأخذ التمام عن حل الواجبات أيضاً من صديقه الوفي محمد، وفي هذه اللحظة عرف مصطفى أن الأصدقاء ليسوا في كثرتهم، إنما في وفائهم وإخلاصهم، وهذا ينطبق فقط على صديقه محمد الذي يُسمى بالصديق الوفي المخلص.
العبرة: التمسك بالصديق الوفي فقط، وليس بكثرة الأصدقاء المزيفين.
قصص للأطفال: ليلى والغراب والببغاء
الحكاية الثانية.. فارس وزجاجة الدواء
كان فارس شاباً صغيراً يعيش مع والدته في بيت واحد، وكانت حياتهما بسيطة، وكانت والدة فارس تعمل في بيع المنتجات النسيجية التي تقوم بصنعها في البيت، وكان فارس يساعدها أحياناً بعد الانتهاء من دوام المدرسة في البيت، وذات يوم مرضت والدته، وأُصيبت بوعكة صحية شديدة، جعلتها مقيمة في الفراش بضعة أيام ولا تستطيع القيام بأي عمل.
وكان مرضها يشتد يوماً من بعد يوم، وأصبحت بحاجة إلى بعض الأدوية حتى تتخطى تلك المرحلة من مرضها، ولم تكن مع فارس نقود لكي يقوم بشراء الأدوية لوالدته؛ فطلب مساعدة من أكثر من صديق، وكان يعتبرهم أعز الأصدقاء، ولكن لم يقدموا أي مساعدة له، وتذكر فارس أخيراً صديقه أحمد، وهو صديق مقرب وعزيز عليه، ولكنه لا يمتلك أي نقود أيضاً.
ورغم ذلك قرر فارس أن يطلب منه مساعدة، فاتصل به وحكى له قصته، فطلب منه أحمد أن يعطيه اسم الدواء، وبعد مرور عدة ساعات اتصل فارس بصديقه أحمد ليطمئن على شراء الدواء، لكن أحمد الصديق المقرب لفارس، كان قد أغلق هاتفه، ولم يستجب لاتصالاته. حزن فارس وظن أن صديقه أحمد قد خذله أيضاً، وعندما فقد الأمل عاد إلي البيت؛ فوجد صديقه أحمد بجانب والدته، وقد أحضر لها الدواء المطلوب.
وعندما استفسر منه فارس عن سبب عدم الرد، عندما كان يتصل عليه، فأجابه أحمد وأخبره أنه بعدما تحدث إليه ذهب لكي يبيع المحمول ويشتري بثمنه الدواء للوالدة.
العبرة: الصديق الوفي الصادق المستعد للتضحية لا يُقدر بأي ثمن.
قصص للأطفال: “حسناء الأولمبياد” تتبرع بميداليتها لطفل رضيع
الحكاية الثالثة.. قصة تاجر المجوهرات وابنه
في قديم الزمان كان هناك تاجر ياقوت ومجوهرات وأحجار كريمة، وكان يمتلك تجارة واسعة وثروة كبيرة جداً، وكان لهذا التاجر ابن ولد كان هو أيضاً يعمل في التجارة، لكن ليس مثل والده، فكان يمتلك العديد من المشروعات الضخمة والأموال الطائلة، وكان الابن رغم أنه غني؛ فإنه كان متواضعاً وكريماً، ويحب مساعدة الفقراء ويحسن إليهم، وكان له العديد من الأصدقاء يفضلهم على نفسه، وكانوا هم أيضاً يحبونه ويفضلونه؛ لأنه كان يمتلك صفات حميدة.
وبعد فترة لم تَدُم الحال؛ فقد تُوفي الأب وواجهت الأسرة بعد فترة ديوناً وخسائر في التجارة الخاصة التي تركها الوالد، ولم يجد الابن غير بيع مشروعاته، لكي يقوم بسداد الديون، وبالفعل باع وتم تسديد كل الديون، وأصبح الابن وأسرته فقراء جداً، وأصبحت الحياة قاسية، وأصبح يعاني من عدم وجود أي نقود لشراء أي شيء.
وهنا يا أصدقائي كان لا بُدَّ للابن أن يبدأ من جديد؛ ففكر في أصدقائه الذين كانوا يحبهم؛ فربما يجد منهم من يساعده أو يقف بجانبه.
وبعد فترة من البحث عرف أن أحد أصدقائه أصبح غنياً جداً، وأصبح يمتلك الكثير من المشروعات الضخمة والقصور، ففكر الابن أن يذهب إلى هذا الصديق، وبخاصة أنه كان مقرباً له ولن يتأخر في توفير عمل مناسب له، يعينه على تخطي هذه الظروف.
وعندما ذهب الابن إلى قصر صديقه، وجد قصراً فخماً والكثير من الخدم، فأخبرهم الابن أنه صديق شخصي لصاحب القصر منذ سنوات كثيرة، وبالفعل ذهب الخدم ليخبروا الصديق بأن صديقه المقرب له يريد أن يقابله، نظر الصديق من الشرفة ورأى الابن وهو يرتدي ثياباً مهلهلة بعد ما كان يرتدي الثياب الفخمة.
طلب الصديق من الخدم عدم السماح له بالدخول، وأمر الخدم بأن يخبروه بأنه منشغل الآن، وبالفعل أخبر الخدم الابن بما قاله سيدهم، فحزن من هذا الموقف غير المتوقع من صديق العمر، وقرر أن يمشي وكان حزيناً، وهو في طريقه استوقفه رجلان غريبان ليسألاه عنوان أحد، فإذا الابن يتفاجأ أنهما يسألانه عن عنوان والده؛ فقد بحثا عنه ولم يجداه.
فسألهما الابن عن السبب، فأخبراه بأنهما يمتلكان شيئاً يخص والده، وعندما أخبرهما بالعنوان، تأكد الرجلان من أن هذا الابن هو ابن الرجل الذي يبحثان عنه، فأخرجا للابن ثلاثة أكياس ممتلئة بالمجوهرات النادرة التي كانت لديهم على سبيل الأمانة من والده، فلم يصدق الابن نفسه، وفرح فرحاً شديداً.
وبعد فترة قليلة من الوقت، بينما هو في طريقه للعودة من قصر صديقه ومعه المجوهرات، قابلته سيدة ثرية جداً تسأل الابن عن مكان بيع مجوهرات نادرة، فعرض الابن عليها ما معه فاشترته الست كله بمبلغ غالي الثمن، فرجع الابن بالمبلغ الذي باع به المجوهرات، وعمل بها مشاريع، واستطاع أن يعود كما كان وأفضل.
وكان في داخلة يشعر بالحزن مما فعله صديقه معه؛ فأرسل له رسالة عتاب يعاتبه بها، فإذا بالصديق يرد عليه برسالة ويفاجئه ويقول له بأنه هو الذي أرسل له الرجلين بأكياس المجوهرات، وهو أيضاً الذي أرسل والدته لشرائها منه، وقد فعل الصديق هذا حتى لا يقف الابن وقفة المحتاج؛ لأنه صديق العمر، وهذا أقل شيء يقدمه له، وهكذا عاد الصديقان كما كانا.
العبرة: الاختيار الجيد للأصدقاء ضرورة، والتواضع للناس مهما كان معك من المال، والعطف على الفقراء وإظهار الحب والاحترام لهم.
قصص للأطفال: محمد ورحلة القطار الطويلة
سؤال ينتظر الإجابة:
- لماذا رجعت عاليا من المدرسة غاضبة وباكية؟
- ما سر سعادة مصطفى في بداية الحكاية؟
- لماذا كان فارس حزيناً؟
- بماذا تصفين أحمد صديق فارس؟
- ما مواصفات الصديق الحقيقي؟
- أي قصة أعجبتك؟ ولماذا؟
#أجمل #قصص #الصداقة #للأطفال #من #عمر #سنوات
إرسال التعليق
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.