من منا لم يصادف لوحة “الطفل الباكي” في أي مرحلة بحياته “طفل بائس يحدق فيك بشجن يستنجد بمشاعرك المرهفة تتساقط دموعه بحزن وبراءة”، سواء كانت لوحة معلقة على أحد جدران غرفة المعيشة أو بطاقة صغيرة للإهداء بين الأصدقاء، أو حتى بوستر لاصق لتزيين حجرة الأطفال، فقد انتشرت هذه اللوحة بطريقة غريبة منذ ظهورها بالعديد من دول العالم؛ فنُسخت منها آلاف النسخ لتتحول لأحد صرعات القرن العشرين! ولكن كيف وصلت هذه اللوحة لهذه الشعبية؟ ومن هذا الطفل؟ وما حكايته المدهشة؟… تابعي السياق التالي لتعرفي.
صرعة لوحات الأطفال ذوي العيون الحزينة
بحسب موقع listverse.com، فقد كانت لوحة “الطفل الباكي” هي اللبنة الأولى للوحات الأطفال ذوي العيون الحزينة، التي كانت شائعة “كما ذكرنا سابقاً” بين أسر الطبقة العاملة في شمال إنجلترا وكانت متوافرة في المتاجر الكبرى، كما كانت تزين جدران غرف المعيشة، فوق رف الموقد مباشرة في آلاف المنازل في الخمسينيات والستينيات والسبعينات من القرن العشرين بأوروبا؛ لتصل إلينا في العالم العربي فترة الثمانينات، وما زالت تحظى بالشهرة ذاتها حيث تحولت لوحات الفتيات الباكيات والفتيان الباكين ذوي العيون الكبيرة الحزينة لصرعة اجتاحت العالم كله، بقيادة فنانين أمثال مارغريت كين ودالاس سيمبسون وآنا زينكيسن وإيرين سبنسر، وعلى الرغم من أن العديد من الفنانين اتبعوا هذا الاتجاه؛ فإن الصبي الباكي الأصلي لا يعلم الكثيرون أن من رسمه هو فنان إسباني يُدعى برونو أماديو.
من هو الطفل الباكي؟
–
بدأت الحكاية بإسبانيا في مدريد، عندما كان أحد الفنانين التشكيليين المحليين “برونو أماديو”، بأحد أيام الشتاء منتصف القرن الماضي، على وشك الانتهاء من رسم إحدى لوحاته عندما سمع في الشارع أسفل منزله صوت نشيج متقطع لطفل صغير، وعندما أخذه فضوله ليعرف من الصغير الباكي وجد صبياً صغيراً يرتدي ثياباً بالية يجلس القرفصاء خارج مقهى قريب من منزله، وينظر للمارة باستجداء، وتنزل دموعه في صمت، فلما رق قلب الرسام على الصبي وسأله عن سبب بكائه؛ نظر الصغير له بحزن وظلت دموعه تتساقط في صمت.
استبدت الشفقة بأماديو، فاصطحب الطفل الصغير لمرسمه وأطعمه، ثم رسم له صورة بورتريه، ونشأت صداقة بين الصغير والفنان الإسباني حتى إنه رسم له بورتريهات عديدة، المدهش أنه كلما التقى الصبي وجده يبكي وكأن دموعه تأبى أن تجف وحزنه يأبى أن ينتهي.
وإذا تابعت السياق التالي ستتعرفين إلى: تاريخ لوحات القماش يحكي بفخر حكايات فناني العالم الأسطورية
لعنة تطارد الصغير
بمرور الأيام وزَّع الفنان عدداً من نسخ الصور التي رسمها على أصدقائه وباع بعضها حتى وصلت إحدى هذه الصور لكاهن الحي الذي ارتبك تماماً عندما شاهد لوحة “الطفل الباكي”، وانطلق ليزور أماديو بالمنزل، وأخبره أن الصبي اسمه دون بونيللو وأنه هرب ليهيم على وجهه في الشوارع بعد أن رأى والده يتفحم حتى الموت عندما التهم حريق كبير بيتهم، ونصح الكاهن الرسام بأن يترك الصبي لحاله لأنه ملعون؛ فأينما ذهب تحل هذه اللعنة! في البداية ارتعب أماديو من قول الكاهن، لكنه لم يستطع أن يدير ظهره لصبي يتيم وضعيف؛ فتجاهل ما قاله الكاهن وتبنى الطفل مادياً ومعنوياً، وفي الأشهر التالية بيعت مئات النسخ من بورتريه “الطفل الباكي” وذاع صيتها أكثر بطول وعرض أوروبا، وأصبح الرسام ثرياً جداً، وعاش الرسام والصبي حياة رغدة بسبب ما حققته اللوحة من نجاح حتى جاء يوم فوجئ الفنان فيه باحتراق منزله ومرسمه على بكرة أبيهما، واتهم الرسام الصغير بأنه السبب في احتراق المنزل والمرسم، ولم يتحمل الصبي الاتهامات؛ فهرب من المنزل، ولم يرَه أحد بعد ذلك أبداً، وقد زادت شعبية اللوحة؛ فقد بدأ ارتباطها بالعديد من الأحداث المرعبة اللاحقة.
حقائق مدهشة عن لوحة “الطفل الباكي”
–
وفقاً لموقع جريدة ذا صن “thesun.co.uk”
- استخدم الفنان برونو أماديو -راسم اللوحة الأصلي الذي كان يوقع لوحات “الصبي الباكي”- اسماً مستعاراً بواسطة جيوفاني براغولين، وهو رسام إيطالي لا وجود له حقاً، في حين أن برونو أماديو كان رساماً إسبانياً، وكان معروفاً أيضاً باسم فرانشوت إشبيلية في بعض الأحيان.
- أماديو واحد من أكثر الفنانين غموضاً في منتصف القرن العشرين. رسم أكثر من 60 صورة في مجموعته Crying Boy من الخمسينيات وحتى عام 1980.
- تم طباعة كل لوحة وإعادة طباعتها آلاف المرات ليتم توزيعها على نطاق واسع حتى إنه تم شراء أكثر من 50000 نسخة في المملكة المتحدة وحدها.
- كانت سلسلة Crying Boy هي العمل الفني الوحيد لأماديو الذي حقق نجاحاً. ومع ذلك، فقد كان بمنزلة سيف ذي حدين لأماديو حيث جلبت الصور -التي تصور الرعب والمعاناة واليأس والشوق للأبرياء- تكهنات بالإساءة؛ فقد تساءل الكثيرون عمَّ إذا كان أماديو “يخيف الأطفال ويرعبهم ثم يرسمهم”!
- تحولت شهرة أماديو سريعاً لنقمة وأصبح معروفاً بأنه نحس، ومن ثَم لم يرغب أحد في النظر إلى أيّ من لوحاته، ناهيك بتكليفه برسم شيء جديد.
- انتهت حياة دون بونيلو تماماً كما بدأت: في حريق هائل. في عام 1976؛ فقد مات في حادث سيارة رهيب حيث تحولت السيارة إلى كرة من نار، وقد وجدت الشرطة جزءاً من رخصة القيادة بها اسم دون بونيلو، بالنسبة للكثيرين، كانت طريقة موته النارية بمنزلة إضافة مصداقية إلى لعنة الصبي الباكي.
- نجت لوحات “الطفل الباكي” من أكثر من 60 حريقاً منزلياً وقد أبلغ بعض الأشخاص عن حوادث بعد شراء اللوحة، وأُصيب العديد من الآخرين بالفزع عندما اكتشفوا أنهم لا يستطيعون حرقها عندما حاولوا.
- زادت شعبية اللوحة بسبب ضجة اللعنة التي رافقتها من خلال مقال نُشر بإحدى الصحف الشعبية البريطانية “The Sun” في العام 1985، بعنوان “لعنة الصبي الباكي الملتهبة” يصف التجربة المروعة التي عاشها عدد من الضحايا لحريق بمنازلهم، وسرعان ما اتصل بالصحيفة مئات الأشخاص الآخرين بشأن مصائبهم الخاصة، وأرجعوا الحرائق والحزن العائلي إلى لوحة “الطفل الباكي“. ورداً على ذلك، عرضت صحيفة The Sun على الأمة إرسال كل نسخ لوحات “الطفل الباكي”، لتقوم بعملية حرق جماعي لتخليص المملكة المتحدة من سوء حظها مرة واحدة وإلى الأبد، وقد تمت عملية الحرق تحت شعار: “احرقوا الأطفال الباكين، احرقوا اللعنة!”.
- على الرغم من المحاولات المختلفة لدحض اللعنة؛ فقد استمر الناس في تصديقها، ما أدى إلى تحولها إلى أسطورة حصرية كاملة توسعت لتشمل لوحات لفنانين مختلفين.
قد ترغبين في التعرف إلى لوحة أخرى إذا تابعت الرابط التالي: اكتشاف لوحة تصور مشاهد المحاربين تعود للقرن الخامس قبل الميلاد
#لوحة #الطفل #الباكي. #ما #قصتها #ومن #صاحبها
إرسال التعليق
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.