في الماضي القريب، كانت النساء يبتعن الذهب لأنه يحافظ على قيمته مع مرور الزمن، ويمكن أن تستند المرأة إليه في حال واجهتها أزمة مالية. واليوم اختلف الموضوع، وباتت الساعات لا تقل أهمية عن المجوهرات. ولكن ماذا بشأن الحقائب الفاخرة، هل تُعتبر استثماراً مربحاً يحافظ على قيمته، ويمكن استردادها عند الحاجة، أم أن اقتناء حقيبة باهظة يدخل في إطار التباهي وتخسر من قيمتها مع الزمن؟ لقد أعددنا لكِ هذا التحقيق لتكتشفي بنفسك كيف يمكن تقدير ثمن الحقيبة، ولِم تحافظ بعض الحقائب على قيمتها بعكس البعض الآخر؟
قد يكون سعر حقيبة يد نسائية جلدية بقياس 15×20 سنتيمتراً معادلاً أحياناً لسعر سيارة صغيرة؛ إذ باتت هذه الأكسسوارات الفاخرة في سنوات قليلة، مرغوبة جداً إلى حدّ تَحَوُّلها إلى استثمار مالي، ولم تعُد المجلات النسائية ومواقع التسوُّق الإلكترونية في العامين الأخيرين، تتحدث عن “امتلاك” حقيبة أو تلك؛ بل أصبحت تستخدم تعبير حقيبة “للاستثمار”. فنحن لا نقتني حقيبة لجودة مكوناتها ومتانتها، أو لأن النجوم يظهرون وهم يحملونها فحسب، بل لأننا نريد ان نكون جزءاً من التاريخ العريق المرتبط بها.
وتوضّح نجمة الشبكات الاجتماعية ماي بيرتلو، المتخصصة في السلع الفاخرة المستعملة ومديرة المنتجات في “فينتد”، لوكالة فرانس برس أن قيمة بعض الحقائب تَزيد أحياناً “فور الخروج من المتجر”. وتشرح الباريسية التي اشترت في بداياتها بضع حقائب باهظة أن “الاستثمار في حقيبة يد، يعني ببساطة في حال تم استعمالها أو لا، وبمجرد عرضها للبيع، أن هناك إمكانية كبيرة لاسترداد قيمة الاستثمار على الأقل”.
وعندما كانت طالبة، اهتمّت بشراء حقائب يد قديمة تُعرض في مزادات لدار “دروو”، وتعلمت تصليحها، وكانت تضعها عندما تذهب إلى الجامعة، لكنها بدأت بتوسيع نطاق اهتماماتها؛ فتشتري هذه الحقائب وتعيد بيعها إلى الخارج بعد صيانتها.
وتتزايد الحسابات المختصة في “الاستثمار” في حقائب اليد زيادة سريعة على مواقع التواصل الاجتماعي عبْر الإنترنت، وهي تجتذب خصوصاً الشابات اللواتي لا تتوافر لديهنّ الإمكانات للاستثمارات التقليدية.
سباق المزايدات المحموم
في ثمانينيات القرن الماضي، كانت النساء يبتعن حقيبة من هيرميس بنحو 300 دولار أمريكي؛ فما الذي حصل لتقفز الأسعار بهذا الشكل؟ يرُد نقاد الموضة والمحللون، الأمر إلى السوشال ميديا ومنصات التيكتوك التي تُظهر النجمات ومدوّنات الموضة والثريات يبتعن هذا النوع من الحقائب، الأمر الذي أدّى إلى ارتفاع ثمنها بطريقة خيالية. أضيفي إلى ذلك أن متجر هيرميس لا يتيح للجميع شراء حقيبة بيركين؛ فهناك الكثير من المعايير مثل: أن تكوني زبونة قديمة أو معروفة في مجال المجتمع أو على منصات التواصل؛ لتتمكني من إدراج اسمك على لائحة الانتظار.
أما بالنسبة لدار شانيل؛ فالأمر نفسه حصل بالنسبة لحقيبة 2.55 التي قفز سعرها بسرعة خيالية، ولكن العديد من زبائن الدار يُجمعون على أن جودة التصاميم القديمة كانت أفضل؛ لذا فهن يُقبلن على شراء تصاميم قديمة للدار، وخاصة من القطع محدودة الإصدار. وتحرص بعض الزبونات على اختيار حقيبة من شانيل تعود إلى ما قبل العام 2009؛ لأنها كانت تتضمن شعار الدار على الإبزيم الداخلي، ويخترن جلد الكافيار الذي لا يُعتبر لامعاً ولكن نوعيته تختلف عما نراه اليوم بحسب رأي البعض.
ومن جهتها، تحافظ حقائب لويس فويتون على سبيل المثال على قيمتها مع مرور الوقت، وخاصة بالنسبة للحقائب المصنوعة من الكانفاس. ولكن علينا الإقرار بأن المقبض يتغيّر لونه بفعل الحرارة والتعرُّق ويتطلب الصيانة، ولكنه يظل مطلوباً خاصة بالنسبة لحقائب مثل: Neverfull bags وSpeedy Bags في أوساط الشابات والفتيات الجامعيات.
ومن الحقائب التي تشهد إقبالاً كبيراً، حقيبة Andiamo Bag من دار بوتيغا فينيتا Bottega Venetta المنفَّذة باللون البرغندي، وتزدان بسلسال معدني مع عقدة عند الوسط. وهي حقيبة حافظت على ثمنها لدى البيع هذا العام كما لدى الشراء. ولكن هذه الظاهرة قد تكون ظرفية ومرتبطة بالصيحات؛ فموضة الحقائب الكبيرة عادت إلى الواجهة مؤخراً، وقد يخف مبيع هذا النوع من الحقائب مع زوال هذا الإقبال عليها.
من المفيد لنا الإقرار بأن هذه الاستثمارات لا تخلو من المخاطر، على ما تنبّه لِيا لوجون، مؤسسة موقع “بلان كاش” الفرنسي لتعليم الاستثمار للنساء، والتي تنصح مثلاً بعدم المشاركة في المزاد في اليوم الرئيسي؛ تفادياً “للانجرار” إلى لعبة المزايدات.
وباتت دُور المزادات تعوّل كثيراً على هذا الاهتمام بحقائب اليد الفاخرة المستعملة، وتُوليها اهتماماً لا يقلّ عن تركيزها على بيع لوحات كبار الفنانين. وقد استعاضت “كريستيز” مثلاً عن قسم الأزياء لديها بقسم للأكسسوارات، وحققت من خلاله مبيعات بقيمة 35,8 مليون دولار في هذا القطاع عام 2023.
ما الحقائب الأغلى ثمناً في العالم؟
- Debbie Wingham’s Upcycled Egg Bag: $6.7 million
- Mouawad’s 1001 Nights Diamond Purse: $3.8 million
- Hermès Rose Gold Kelly Bag: $2 million
- Hermès Birkin Bag by Ginza Tanaka: $1.9 million
- Hermès Chain d’Ancre Bag: $1.4 million
- Lana Marks Charlize Theron Cleopatra Clutch: $400,000
- Hermès Himalaya Birkin Bag in Niloticus Crocodile: $388,738
- Hermès Feather Embroidery Sellier Mosaïque Kelly 32: $352,825
- Hermès Matte Alligator Faubourg Birkin: $320,000
- Chanel Diamond Forever Handbag: $261,000
وتوضح مديرة هذا القسم لوسيل أندرياني، في حديث لوكالة فرانس برس أن: “الطلب كبير جداً”؛ مشيرة إلى أن: “النموّ الذي يشهده هذا القسم استثنائي”. وتفيد بأن: 61 في المئة من الزبائن في قطاعها، هن من جيل الألفية الذين تتراوح أعمارهن بين 25 و35 عاماً، وأكثر من نصفهن يشاركن للمرة الأولى في المزادات الحضورية أو الافتراضية للدار.
وتلاحظ رئيسة قسم المنتجات الجلدية في منصة “كولِّكترز سكوير” المتخصصة التي أسسها موظفون سابقون في دار “آركوريال” سارة بناني أن: ثمة منتجات ذات قيمة مؤكدة في هذه السوق، ومنها: “حقيبتا بيركين وكيلي من دار هيرميس، والإصدارات المحدودة من حقائب سبيدي، وصناديق لويس فويتون Louis Vuitton القديمة، وحقائب شانيل Chanel المصنوعة من جلود غير تقليدية مثل الكافيار أو الجلد المخملي أو الثعبان، والتي شهدت أسعارها والطلب عليها زيادة كبيرة منذ إعلان دار الأزياء توقُّفها عن استخدام هذا النوع من الجلود”.
حقائب الماركات تستهدف الطبقة المتوسطة لا الغنية
يُقرّ نقاد الموضة والمحللون الاقتصاديون في هذا المجال، بأن مبيعات التصاميم الفاخرة تستهدف الطبقة المتوسطة العاملة بالدرجة الأولى؛ فالطبقة الغنية تهتم بعالم اليخوت والساعات الراقية والممتلكات أكثر من التصاميم المزدانة بالمونوغرام وشعارات الدُور العالمية. وتعرض في هذا المجال صالات مثل: “كريستيز” و”كولِّكترز سكوير” حقائب ترتبط بشخصيات أيقونية من نوع “بيركين” أو غيرها في المزادات، بسعر يبدأ من نحو مئة ألف دولار، وقد يصل إلى نحو نصف مليون دولار.
فالدُور المنتجة لهذه الحقائب تدير ببراعة لعبة العرض والطلب؛ فتحرص “هيرميس” مثلاً على عدم بيع أيّة قطعة من “بيركين” إلّا على قائمة الانتظار؛ مما يؤدي إلى نشوء اقتصاد موازٍ، وإلى مبيعات قياسية عبْر المنصات.
وقد رفع شخصان من ولاية كاليفورنيا الأميركية دعوى قضائية ضد العلامة التجارية الفرنسية بعدما سئما الانتظار، متهمين إياها بانتهاج نظام يشجّع المستهلكين على شراء كمية من الأكسسوارات لكي يكسبوا مكانة كافية تخوّلهم شراء “بيركين”، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية في خبر يعود إلى مطلع القرن الحادي والعشرين.
تابعي المزيد معنا واكتشفي موديلات حقائب نسائية تخفي عيوب الجسم قدمها أسبوع ميلانو للموضة
أما بالنسبة إلى حقيبة 2.55 المبطّنة الشهيرة ذات السلسلة من شانيل؛ فكانت تُباع بمبلغ 1600 دولار عام 2005، لكنّ ثمنها ناهز 11 ألف دولار عام 2024، بزيادة قدرها نحو 20 في المئة في عام واحد. وتوضح الدار الباريسية رداً على سؤال عن هذه الزيادة، أنها تواجه صعوبات في “الاستحصال على المواد الأولية لتصنيعها، وأن التضخُّم أثّر على أسعار هذه المواد. وتضيف “شانيل”، أنها تحرص على “الاستمرار في تجسيد أعلى درجات الرفاهية”؛ رافضة “الاستسلام لإغراء زيادة حجم المبيعات”، ولكن ليس لإغراء زيادة الأسعار.
باختصار، يمكننا القول إن مبيعات الحقائب والأكسسوارات مرتفعة لدى الطبقة المتوسطة أكثر منه لدى الأغنياء، باستثناء الحقائب التي تباع في المزادات، فالنساء العاملات يحتجن إلى مكافأة نفسهن بتصميم فاخر، ويشعرن لدى الحصول على ترقية برغية في التباهي باقتناء حقيبة معينة كن يحلمن بالحصول عليها، لذا تنفق بعض النساء مدخراتها لشراء حقائب فاخرة كلما تسنت لهن الفرصة، في الوقت الذي يقبل فيه أصحاب الملايين على شراء قطع مجردة من أي شعار تماماً، كالقميص الرمادي الذي يقتنيه الملياردير مارك زوكربيرغ وهو يمتلك عشرات التي شيرتات المتشابهة منه، والتي تنفذها له دار برونيلو كوتشينيلي Brunello Cucinelli بسعر 400 دولار أمريكي فقط.
#هل #يعتبر #اقتناء #الحقائب #الفاخرة #استثمارا #مربحا #السر #وراء #ثمنها #المرتفع
إرسال التعليق
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.