“نعامل كالعبيد”.. عمال مهاجرون يتظاهرون تنديدا بظروف العمل في فرنسا

تجمع نحو 10 عمال مهاجرين (ثمانية رجال وثلاث نساء) أمام مركز كبير لفرز القمامة، تديره شركة ”فيوليا“ الفرنسية، في العاصمة باريس وتحديدا الدائرة الـ15، يوم الاثنين 28 آب/أغسطس، للتنديد بظروف عملهم. لا سيما وأنهم يعملون منذ سنوات من دون عقود عمل رسمية ووسط ظروف غير مناسبة.

ولا يتبع العمال لشركة ”فيوليا“ الفرنسية على نحو مباشر إذ يعملون مع شركة “NTI” وهي المسؤولة عن توظيفهم. وكان قرر العمال وقف العمل مع تلك الجهة مؤكدين أهمية تحصيل حقوقهم.

للمزيد >>>> دراسة: نقص العمالة الماهرة لا يزال مستمرا في قطاع الضيافة بألمانيا

“نحن هنا لنجعلهم يحترمون حقوقنا، لم يصرح عنا منذ ثلاث سنوات. كنا نتقاضى مبلغ 800 يورو شهريا في حين أن إيجار المساكن لا يقل عن 500 يورو“. وفق العامل المغربي الحسن (48 عاما)، الذي عمل سنوات في شركة NTI الوسيطة.

حوادث عمل متكررة

وقال العمال المهاجرون إنهم يعملون من دون حماية، مضيفين بأن العمل ليس سهلا، فلا تحق لهم الاستراحات، ويلزمون بالعمل لساعات ويتقاضون أجورا زهيدة، ويشتغلون أحيانا على فرز ومعالجة قمامة تحتوي مواد سامة.

عموما، يحق للعامل في هذا القطاع 76 يوم إجازة وفق التأمين الصحي. لكن أكد المهاجرون عدم وجود ذلك بالنسبة إلى عملهم. وأضاف أمين، عامل مغربي (23 عاما) ”كسر أحد الزملاء كتفه إثر سقوطه أثناء أداء العمل. ولم يتلق أي راتب بعد اضطراره للتوقف عن العمل“.

كما أشار مصطفى (35 عاما) ”نعامل كالعبيد، نعمل من دون معايير سلامة، من دون كمامات، من دون أحزمة“. مضيفا ”أصبت بالاكزيما والحساسية وآلام الأنف“.

كما ذكر عمال آخرون تلقيهم تهديد أو ابتزاز من قبل بعض المدراء التنفيذيين في شركة NTI، وأوضح مصطفى ”يأخذون حصة من الراتب عندما تطلب مزيدا من العمل“.

نفذت الهيئة المسؤولة عن التفتيش مهمات متزامنة في أربعة مواقع لفرز ومعالجة النفايات في 20 كانون الأول/ ديسمبر 2022. وقالت في رسالة إلى العمال ”كان هناك الكثير من العمل على جمع أدلة تثبت بأن الشركة الوسيطة حصلت على أجور العمال عبر شركات “سيارات الأجرة” (شركة وهمية تهدف فقط إلى نقل الأموال، ملاحظة المحرر)، نقدا أو عن طريق الحوالة أو غيرها. ويتيح ذلك تصريح الأموال الوارد لهيئة الضرائب المسؤولة، وفق المحامية التي تدعم المهاجرين، كاتي بيانتينو. 

للمزيد >>>> ثلث عمال مزارع أبروتسو أجانب لا يتمتعون بحقوق المواطنين الإيطاليين

ونددت نقابة العمال (CGT) “بهذا النظام للإدارة غير القانونية لتعيين الموظفين المؤقتين“. وطالبت بتعيين العمال المهاجرين المعتصمين على نحو شرعي وتسوية أوضاعهم وتعويض رواتبهم. في حين رفضت شركة ”فيوليا“ تقديم إجابة حاليا ولكنها ”ستدرس كل ملف يقدم إليها“.

طلب مقدم إلى المحكمة الصناعية

وسترفع المحامية دعوى ضد شركة NTI للمحكمة المختصة، متعلقة بتوظيف عاملين في الخفاء والمساومة والتوظيف غير المشروع. وستذكر الدعوى شركات فيوليا وسويس وباربيك وأورباسر، لأنها قبلت على التعاقد من دون الانتباه إلى مجريات الأمور وقوانين العمل. 

وأكدت شركة ”فيوليا“ لمهاجرنيوز إنهاء العقد مع ”NTI“ عام 2022 ”بمجرد اكتشافنا وجود تناقضات“. مشيرة إلى أنه لم يكن يفترض أن تحوز على وثائق هوية موظفي الشركة الوسيطة بما أنها ليست المسؤولة عن التوظيف، على نحو مباشر.

الاستغلال المتزايد للعمال

وقال عضو البرلمان الأوروبي بيير لاروتورو، الذي حضر يوم الاثنين لدعم المهاجرين “أجد صعوبة في تصديق أن شركة فيوليا، التي حققت أرباحًا صافية بقيمة 1.1 مليار دولار في عام 2022، لا يمكنها منح عقود لهؤلاء العمال”. وتواصلت النقابة مع الشركة من أجل تخطيط لقاء جماعي مع العمال يوم الاثنين، ولكن لم يحصل ذلك حتى الآن.

ليست هذه المرة الأولى التي يعتصم فيها عمال مهاجرون في قطاع فرز القمامة. إذ أطلق نحو 60 موظفا في القطاع نفسه، يعملون لدى شركة سيبور، صوتهم عاليا وطلبوا دعما نقابيا لتسوية أوضاعهم ووضع حد للابتزاز من قبل مدراء المستودعات، في تشرين الأول/أكتوبر عام 2021.

للمزيد >>>> “مينا” مشروع فني ترسو فيه أعمال فناني الشرق الأوسط للوصول إلى أوروبا

ويعمل نحو 700 ألف مهاجر غير شرعي في فرنسا وفق ألبرت غيدو، الأمين العام لنقابة CGT، الذي أوضح أن 7000 منهم يتم منحهم وضعاً قانونيا كل عام. لكن يتطلب ذلك ثلاث سنوات عمل و24 وثيقة استلام أجر ووعدا بالتعيين من الشركة المسؤولة عن التوظيف.

وكان قدم مصطفى طلبا لتعينه على نحو شرعي منذ عام، ولكن ”لم يحصل على رد“. والأسوأ من ذلك هو صدور أمر بحقه لمغادرة الأراضي الفرنسية. قال متنفسا الصعداء ”أخاف أن أنقل إلى المغرب بين ليلة وضحاها“.