هكذا استولى هتلر على بلجيكا بالقرن الماضي

بعد مضي نحو 8 أشهر عن إعلان الحرب الرسمي، اتجه الألمان للتحرك على الجبهة الغربية خلال شهر مايو 1940. فبعد نجاحهم في اجتياح بولندا واقتسامها مع السوفييت بالعام الماضي، حرّك الألمان جيوشهم نحو الحدود الفرنسية الألمانية المحصنة جيدا من الجهة الفرنسية بفضل دفاعات خط ماجينو (Maginot) التي أنشأها الفرنسيون عقب الحرب العالمية الأولى لصد غزو ألماني محتمل لأراضيهم.

هجوم من غابات الأردين

يوم 14 مايو 1940، غادرت الملكة الهولندية فيلهالمينا (Wilhelmina) بلادها، رفقة جانب من أفراد حكومتها، لتستقر بلندن عقب قصف مدينة روتردام (Rotterdam) واستسلام هولندا بشكل رسمي للألمان. وأمام هذا الوضع، تخوف الحلفاء من غزو ألماني وشيك للأراضي البلجيكية مشابه لذلك الذي حصل بالحرب العالمية الأولى. وبشكل استباقي، أرسل الفرنسيون والبريطانيون أعدادا هامة من الجنود نحو بلجيكا ليتفاجأوا هنالك بخطة ألمانية مختلفة حيث فضّل أدولف هتلر تجاوز خط ماجينو الفرنسي عبر اجتياز غابات الأردين (Ardennes)، بين بلجيكا وفرنسا، التي وصفت بالأراضي المحصنة طبيعيا بفضل غاباتها وتضاريسها الوعرة. وانطلاقا من ذلك، عبرت ثلاث فرق مدرعة بقيادة الجنرال الألماني هانز غودريان (Wilhelmina) هذه الغابات لتخترق الخطوط الفرنسية باتجاه منطقة سيدان (Sedan). وفي الآن ذاته، وقف البلجيكيون عاجزين أمام فرق المظليين الألمان التي نزلت بمدينة لياج (Liège) بشكل مباغت.

صورة للجنرال ويغاند

هروب على جناح السرعة واستسلام بلجيكي

وبدلا من التقدم نحو باريس، فضلت الجيوش الألمانية التي توغلت بفرنسا التوجه غربا لحصار القوات الفرنسية والبريطانية التي تحصنت ببلجيكا. وأمام هول ما حدث، طلبت الحكومة الفرنسية من الجنرال ماكسيم ويغاند (Maxime Weygand) العودة من الأراضي السورية لتولي قيادة الجيش الفرنسي بدلا من الجنرال غاملين.

إلى ذلك، سيطرت الجيوش الألمانية على بولوني (Boulogne) وحاصرت كاليه (Calais) قبل أن تتوقف يوم 24 مايو 1940، بأوامر من هتلر، بشكل مفاجئ على بعد 35 كلم من منطقة دنكيرك (Dunkerque). وعلى حسب تقديراته، اتجه هتلر من خلال ذلك لإضعاف فرنسا وبريطانيا، عسكريا، دون دفعهما للاستسلام بهدف نقل قواته نحو الشرق لفتح جبهة أخرى ضد الاتحاد السوفيتي. ومن خلال هذا القرار، أضاعت ألمانيا على نفسها فرصة حسم الحرب على الجبهة الغربية بشكل نهائي.

تزامنا مع محاصرة قواته ببلجيكا، أطلق رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل على جناح السرعة العنان لعملية دينامو (Dynamo) التي تم خلالها إجلاء نحو 300 ألف جندي بريطاني وفرنسي وبلجيكي نحو بريطانيا، انطلاقا من دنكيرك، ما بين يومي 26 مايو و4 يونيو 1940.

وفي أثناء ذلك، لاحظ البلجيكيون عدم جدوى حركات المقاومة ضد الألمان. وأمام هذا الوضع، وقّع الملك البلجيكي ليوبولد الثالث (Leopold III)، الذي رفض مغادرة البلاد نحو لندن، يوم 28 مايو 1940 على وثيقة استسلام الجيش البلجيكي للألمان.