🦋العنف ضد المرأة تترجمه بإيذاء نفسها أو محيطها – الغد
#العنف #ضد #المرأة #تترجمه #بإيذاء #نفسها #أو #محيطها #الغد #منتوف #MANTOWF
[elementor-template id=”7268″]
غادة الشيخ
عمان – تتلفت نهى (اسم مستعار) في أرجاء غرفة نومها يميناً وشمالاً، تبحث عن شيء “يفش” قلبها المعبأ بغضب ممزوج بالقهر، تجد على “الكومودينا” بجانب السرير قرب الجهة التي ينام فيها زوجها منفضة سجائر، ترمي المنفضة على الأرض لتكسرها، ثم تأخذ قطعة من شظاياها لتبدأ بخدش يدها اليسار بها عشوائيا مرددة “بلكي متت وارتحت”.
هذا المشهد الذي ما يزال عالقا في ذهن ابنتها (27 عاماً) وجعلها وفق ما روته لـ”الغد”، تعد “مليون مرة” كما تقول قبل التفكير بالزواج، قلب حياتها رأساً على عقب، فإن تري أمك تعذب نفسها بيدها، وتعبر عن كرهها للحياة، جراء العنف المتتالي من والدي، أمر يجعلك تعدين مليون مرة قبل أن ترتبطي أو تتزوجي”.
تعترف الابنة بأنه أصابها “عقدة من الزواج”، وتعترف في الوقت ذاته، أنه من الظلم تقسيط تجربة والدتها التي نشأت وهي تراها تتعرض للضرب من والدها على الرجال كافة، فالرجال كما تقول “بشر في نهاية المطاف، منهم الصالح ومنهم الطالح، لكن تعذيب والدي لوالدتي أمامي أنا وأخواتي في طفولتنا، جعلني أنظر إلى الزواج على أنه مشروع يطول التفكير فيه”.
وتعود بنا إلى ذلك المشهد، اذ رأت والدتها وهي تجرح نفسها بزجاج المنفضة، وتقول “أذكر أنه في تلك الليلة، كان ضرب والدي لها مختلفا عما اعتدنا عليه، بحيث كان يلكمها أو يضربها بكفه على وجهها أو يدفشها، لكن في تلك المرة توالى ضربه لها، وربما تجاوز نصف ساعة متواصلة، إذ أسقطها ورفس جسدها وضربها بما كان يجده على الطاولة بجانبه، إلى درجة أن دماءها انهمرت على وجهها”.
وتضيف “بعد أن تعب والدي من ضرب أمي، سمح لها بالذهاب للغرفة، حينها شعرت بأنني يجب أن أتبعها، والحمد لله أنني تبعتها، لأنني استطعت اللحاق بها، لوقف تعذيبها ليدها بشظايا زجاج المنفضة، وعندما سألتها عما تفعله؟ أجابت: أحسن من أتفشش فيك وفي أخوانك، أؤذي حالي ولا أؤذيكم!”.
تختم تلك التجربة بقولها “لن أكون صادقة حين أقول إنني تمكنت من حماية والدتي من تعنيف والدي، لكنني أبقيت عيني عليها، حرصاً على ألا تؤذي نفسها، وهي اليوم تشعر بأن الحياة، أعادت إليها كرامتها بعد أن كبرت أنا وإخوتي، ووضعنا حدا لوالدنا بوقف أذيتها”.
هناك قاعدة في علم الاجتماع والنفس، وبحسب رأي خبراء أيضا تحدثوا لـ”الغد”، تفيد بأن “العنف يولد عنفا”، ووفق وجهات نظر الخبراء، فإن العنف الذي تتعرض له المرأة، قد يترجم إلى عدة أشكال كالأمراض النفسية ومنها الاكتئاب أو تقلب الحالة المزاجية كالغضب السريع، وقد يودي للتفكير بالإيذاء كرد فعل على الإيذاء الذي تتعرض له، وقد يكون هذا الإيذاء منها على نفسها أو على محيطها.
وعرف الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة لعام 1993 العنف بأنه “أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ضد المرأة، والذي ينجم عنه أو قد ينجم عنه أذى أو معاناة جسمية أو جنسية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية”، ووفق الأمم المتحدة، يعتبر العنف ضد النساء والفتيات، أكثر انتهاكات حقوق الإنسان استمرارا وانتشارا وتدميرا، كون معظمه غير مبلغ عنه، بسبب سياسات الإفلات من العقاب والصمت ووصمة العار.
“وصمة العار”، هي سبب تحول مرام (اسم مستعار) من شخص بسيط هادئ لإنسانة غاضبة باستمرار، تعاني من اضطرابات في النوم بحسب روايتها لـ”الغد”، إذ أدى رفض عائلتها لاستقبالها هي وطفلتها، بعد هروبها من منزل زوجها جراء تعرضها لضرب شديد، وتحولها لشخص صعب المزاج، و”فعل صغير، قد يجعلني أقلب المنزل رأساً على عقب”.
تقول مرام “منذ السنة الأولى لزواجي، تكشف القناع عن زوجي، وعلمت بأنه شخص معنف، يضربني لأتفه الأسباب، وما زاد جرأته بضربي، تضامن أهلي معه، بحجة أنه من العيب ترك المرأة لزوجها، ويرون بأنني إذا خرجت من المنزل، سأجلب لهم العار، بغض النظر عما ملأ جسدي من كدمات جراء ما تعرضت له من ضرب، حتى أمام طفلتي”.
تصف مرام نفسها، بأنها ليست مرام التي تعرفها، موضحة “كنت إنسانة بسيطة وهادئة جداً، لكن القهر الذي أشعر به في كل مرة أتعرض فيها للضرب، حولني لإنسانة شرسة، ربما إذا لم تفلح طبختي في يوم ما، تجدينني أقوم بتكسير المطبخ، ناهيك عن أنني لا أنام أكثر من ثلاث ساعات بسبب الأرق”.
“أؤذي نفسي عادي؛ المهم ألا أؤذي طفلتي” تختم مرام، وتقول إن “عنف زوجي بحقي، جعلني عنيفة بحق نفسي!”.
وتعاني المعنفات في الأردن وفق تقرير سابق لمعهد “تضامن” من اضطرابات نفسية، بخاصة الاكتئاب، ما يدفعهن للتفكير بالانتحار أو محاولة الانتحار، بخاصة وأن أغلبهن لا يبحن بمعاناتهن جراء العنف، وتسيطر عليهن ثقافة الصمت، كما أن معظمهن لا يملكن الخيارات، ولا تتاح أمامهن فرص للنجاة من العنف لأسباب جذرية، من بينها الصور والقوالب النمطية لأدوار: الذكور والإناث، ولانعدام أو ضعف استقلالهن المالي، بسبب العنف الاقتصادي، ولتسامح وتغاضي المجتمع مع مرتكبي العنف ضدهن، ما يؤدي لإفلاتهن من العقاب.
وكانت حدثت حالتا انتحار لفتاتين في ريعان الشباب عام 2020 في محافظة البلقاء، وقد حدثتا بفارق زمني قدره 24 ساعة فقط، اذ أقدمت شابة عشرينية في منطقة عين الباشا على الانتحار بلف حبل حول عنقها في منزل ذويها، بينما أطلقت فتاة (17 عاماً) النار على نفسها من مسدس، في منطقة البقعة أيضا، وبحسب دراسة لـ”تضامن” فإن سبب الحادثتين، تعرض الفتاتين للعنف الأسري.
وبحسب “تضامن”، تشكل حالات الانتحار بين الإناث 30 % ومحاولات الانتحار 62 %.
وتعاني نساء معنفات في الأردن من اضطرابات نفسية، بخاصة الاكتئاب، ما يدفعهن للتفكير بالانتحار أو محاولة الانتحار، بخاصة وأن أغلبهن لا يبحن بمعاناتهن جراء العنف، وتسيطر عليهن ثقافة الصمت، كما أن معظمهن لا يملكن الخيارات، ولا تتاح أمامهن فرص للنجاة منه لأسباب جذرية، بينها الصور والقوالب النمطية لأدوار الذكور والإناث، ولانعدام أو ضعف استقلالهن المالي بسبب العنف الاقتصادي، ولتسامح وتغاضي المجتمع مع مرتكبي العنف ضدهن، ما يؤدي لإفلاتهم من العقاب.
وترى اختصاصية علم الاجتماع الدكتورة فاديا الإبراهيمي، أنه عادة “ما نقيس حجم العنف الموجة للمرأة وشدته، بالآثار الجسدية التي تتعرض له من ضرب وركل وصفع وإحداث كدمات واحياناً التسبب بعاهات لهن، متغاضين عن الآثار النفسية التي تعاني منها المرأة المعنفة جسدياً او من تتعرض للعنف النفسي دون الجسدي، فهذا النوع من العنف يصعب تشخيصه، ولا يجري غالبا الابلاغ عنه، ولا تحاول النساء اصلاً تلقي العلاج النفسي المناسب للتخلص من آثاره”.
ومن أهم الآثار النفسيه للعنف الذي ضد المرأة، كما تضيف الإبراهيمي “الاكتئاب والقلق والشعور بالعجز واليأس، وأحياناً قد يتطور لأفكار انتحارية او محاولات فعلية للانتحار. هذه الاعراض النفسية يصاحبها تغير في السلوك، اذ لا يمكن لإنسان غير سوي نفسيا العيش سويا في نطاق الحياة الاجتماعية، فتتغير طباع المُعنفة، وتتغير علاقاتها وتفاعلها بمحيطها، فبعض النساء يصبحن أكثر ضعفاً ويعشن حالة من الانطوائية والعزلة، أما النسبة الأكبر من النساء فيتغير مزاجهن وردة فعلهن لحالة سخط وغضب على المحيط، فتراهن يملن للشراسة والعنف في تعاملهن مع المحيط”.
وللأسف كما تختم الإبراهيمي، لا تعي معظم النساء خطورة الآثار النفسية للعنف على حياتهن وسلوكهن، وليس لديهن الوعي الكافي لمساعدة أنفسهن أو طلب المساعدة من المختصين، لذلك يجب توجية الجهود العاملة على مناهضة العنف ضد المرأة، لإعطاء العنف النفسي أو الآثار النفسية للعنف الجسدي أهمية اكبر، والتوعية بها بشكل أوسع، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمُعنَّفات.
“العنف يولد عنف”.. قاعدة نفسية بحسب الاختصاصي النفسي الدكتور موسى المطارنة، اذ يبين بأن المرأة التي تتعرض للتعنيف، قد تؤذي نفسها أو من حولها، بسبب تبعات التعنيف على حالتها النفسية، تلك التي تشعر فيها بامتهان كرامتها، ما يتسبب لها بأمراض كالاكتئاب.
وأشار المطارنة، إلى أن المعنفة قد لا تعبر عن اكتئابها بالإيذاء الجسدي فقط، مثل محاولات الانتحار أو ضرب أو تجريح نفسها، بل قد تعبر أيضاً عن طريق تفضيل الكتمان وعدم التعبير، ما يؤثر على توازنها النفسي، فتصبح إنسانة مضطربة نفسياً.
ويختم بقوله إن “العنف مرفوض، بصرف النظر عن أشكاله، وللأسف مؤخراً، هناك ارتفاع في نسبة العنف ضد المرأة، وأصبح يتخذ أشكالاً جديدة وأكثر وحشية”.
في الأردن.. امرأة من بين كل 4 نساء متزوجات تعرضت للعنف الجسدي أو الجنسي أو العاطفي (25.9 % منهن).
وأكدت نتائج مسح السكان والصحة الأسرية (2017-2018)| أن 25.9 % من الزوجات اللاتي أعمارهن بين 15 الى 49 عاماً، تعرضن لعنف جسدي أو جنسي أو عاطفي من أزواجهن، في مقابل تعرض 1.4 % من الازواج ممن تتراوح أعمارهم بين 15 الى 59 عاماً للعنف الجسدي
من زوجاتهن.
العنف ضد المرأة تترجمه بإيذاء نفسها أو محيطها – الغد
أقراء أيضا
[elementor-template id=”7272″]
المصدر : منتوف ومواقع انترنت 👇العنف ضد المرأة تترجمه بإيذاء نفسها أو محيطها – الغد
العنف ضد المرأة تترجمه بإيذاء نفسها أو محيطها – الغد
العنف ضد المرأة تترجمه بإيذاء نفسها أو محيطها – الغد
إرسال التعليق
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.