🟢 #تاريخ #ابن #باديس #مخزون #في #باريس #والجزائر #عاجزة #عن #إنشاء #متحف #لآثاره
[elementor-template id=”7268″]
تاريخ ابن باديس مخزون في باريس.. والجزائر عاجزة عن إنشاء متحف لآثاره
أسرار من حياة أكبر عالم في تاريخ الجزائر
لماذا تحيي الجزائر بيوم وفاة الشيخ عبد الحميد بن باديس، الموافق للسادس عشر من شهر أفريل، وليس بيوم مولده المصادف للخامس من ديسمبر، ولماذا لا نعتمد في الاحتفاء برائد النهضة في الجزائر بالتأريخ الهجري وهو الذي كان يدعو للتقويم الهجري، ويكتب تواريخ رسائله وتواريخ الصحف التي أسّسها بالهجري؟ أسئلة قد تختصر الإجابة عنها ابتعادنا عن هذا المفكر، الذي قدّم منهاج أمة وأسّس لثورة فكرية، تلتها ثورة لم تبق ولم تذر للاستعمار، اندلعت بعد خمس عشرة سنة من رحيله..
اعتمدنا في هذا الملف الخاص بالشيخ عبد الحميد بن باديس، على ما خزنته ذاكرة شقيق الشيخ الأستاذ عبد الحق بن باديس، الذي مازال على قيد الحياة وعمره حاليا 102 سنة، والأستاذ عبد العزيز فيلالي، وهو مؤرخ اهتم بالشأن الباديسي وله العديد من المؤلفات عن علامة الأمة ورئيس مؤسسة الشيخ ابن باديس، والدكتور عمار طالبي صاحب مجلد ابن باديس حياته وآثاره، وهو من أربعة أجزاء ألفه الدكتور عمار طالبي في أكثر من ثلاث سنوات، وكتب مقدمته المفكر مالك بن نبي في عام 1966.
قرأ على العلماء خطبة طارق بن زياد عام 1928
كان الشيخ ابن باديس في كل كتاباته، محاربا للأمية والجهل والطرقية، وكانت له تجربة مع جريدة المنتقد التي تم توقيفها، فحاول في الشهاب أن يوصل رسالته بأقل الأضرار، فاستمرت الصحيفة إلى آخر أيام حياته، ويتهم الكثير الشيخ ابن باديس وحتى جمعية العلماء بسيرها في قافلة الاندماج، وهي التهمة التي تسقط عندما نعلم أن الشيخ ابن باديس دعا للثورة صراحة، ومن عائلته، ومنهم الطبيب عبد السلام ابن أخيه المحمود الذي صاحب المجاهد بن يوسف بن خدة واستشهد عام 1960، كما أن رفيق دربه الشيخ العربي التبسي سقط في ساحة القتال عام 1957، عندما اختطفته منظمة الجيش السري من بيته في بلكور بالعاصمة، وتم قتله وما زال قبره مجهولا لحد الآن.
الدراسة التي قدمها الدكتور المؤرخ عبد العزيز فيلالي من جامعة منتوري بقسنطينة، وهو رئيس مؤسسة الشيخ ابن باديس بعنوان الشيخ الإمام عبد الحميد بن باديس أصالة وفكر سياسي ثوري، تقدم الحقيقة المثيرة الناصعة، التي ظلّت بعيدة عن الكتب وعن رجال الثورة المعاصرين، قدّم فيها بالدليل القاطع دعوة الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس، علماء الأمة في اجتماع بهم عام 1928 قبل تأسيس جمعية العلماء المسلمين للثورة على الاستعمار، وهذا الخطاب موجود في مذكرات العالم الشيخ محمد خير الدين الذي ولد عام 1893 وهو أحد العلماء الذين عاصروا العلامة ابن باديس، وكان نبراس علم كما كان الشيخ ابن باديس، وكان شاهد عيان على هذا الخطاب الشجاع.
وجمع الشيخ ابن باديس في مقر صحيفة الشهاب بقسنطينة العلماء القادمين من شتى المناطق الجزائرية، وكانوا بصدد التحضير لتأسيس جمعية العلماء المسلمين وخاطبهم بالقول: “والآن أيها العلماء قد شاء الله أن يهيئكم، ويدخركم لهذا الظرف لتتحملوا مسؤوليتكم بكل شجاعة وتضحية، وإن يومكم هذا شبيه بذلك اليوم الذي وقف فيه البطل الأسطوري طارق بن زياد خطيبا في جيش المجاهدين على ربوة جبل طارق، بعد أن أحرق سفنهم، التي حملتهم إلى الجهاد في الأندلس، وقال قولته المشهورة: أيها الناس أين المفر؟ البحر من ورائكم والعدو من أمامكم وليس لكم غير الموت أو النصر.
ثم اختتم ابن باديس خطابه الذي عمره الآن قرابة قرن قائلا: “وأنا أقول لكم في هذا اليوم لم يبق لنا إلا أحد الأمرين لا ثالث لهما، إما الموت أو الشهادة في سبيل الله، منتظرين النصر الذي وعد الله به عباده المؤمنين، أو الاستسلام ومدّ أيدينا في الأغلال، وإحناء رؤوسنا أمام الأعداء، فتكون النتيجة لا قدّر الله أن يجري علينا ما جرى ببلادنا الأندلس”.. وهذا الخطاب المجهول لدى الجزائريين مدوّن في مذكرات الشيخ محمد خير الدين التي نشرتها مطبعة دحلب بالجزائر العاصمة، ويمكن قراءة الخطاب في الصفحة 85 من شاهد على ثورية إمام الأمة عبر العصور.
لا جدال في أن هذا الخطاب الهام الذي يقول فيه الشيخ بصريح العبارة: “لم يبق لنا إلا أحد الأمرين، لا ثالث لهما إما الموت أو الشهادة في سبيل الله”، الذي يبعد الشيخ ابن باديس ورجالات جمعية العلماء الذين كانوا حاضرين عام 1928 وهم محمد البشير الإبراهيمي والشيخ مبارك الميلي والشيخ الطيب العقبي والشيخ العربي التبسي والشيخ السعيد الزاهري والشيخ محمد خير الدين الذي نقل الخطاب في مذكراته، أكيد أنه سيبعدهم عن شبهات الإدماج التي حاول الزنادقة إلصاقها بهم، ولكن ورغم أن الخطاب الهام الذي هو شرارة ثورة مباشرة اندلعت قبل 26 سنة عن الثورة الكبرى ما زال مخفيا وبعيدا عن أسماع وأنظار الجزائريين لرجل عندما جمع العلماء قال كلمة خالدة: “لو اتحد العلماء على حقهم كما اتحد غيرهم على باطلهم لسعدت الأمة ونجت من بلاء كبير”.
ينتمي الشيخ عبد الحميد بن باديس لعائلة قسنطينية عربية أصيلة، والده محمد مصطفى من أعيان المدينة، امتهن الفلاحة كما أخبرنا بذلك ابنه عبد الحق، ووالدته زهيرة بن جلول وأنجب والدا الشيخ ثمانية أبناء، عمّروا جميعا وفاقت سن أصغرهم سبعين سنة، باستثناء الشيخ عبد الحميد، الذي مات في سن الخمسين وأربعة أشهر فقط، وكان أكبر إخوته، وكان للشيخ شقيقة واحدة، تدعى بتول توفيت عام 1999 في حي عواطي مصطفى بقلب مدينة قسنطينة، إضافة إلى شقيقه المولود، الذي كان مديرا لدار الأيتام بحي سيدي مبروك، وتوفي عام 1960 ومحمد العربي وعبد المليك ومحمود وسليم والصغير عبد الحق الذي مازال على قيد الحياة، وهو من مواليد عام 1920، ولأن الشيخ حُرم من الأبناء بعد وفاة ابنه إسماعيل في سن السابعة عشرة بطلقة نارية من بندقية جدّه بالخطإ، كان الشيخ يربي أبناء إخوته، ومنهم ابن شقيقه المولود المسمى عبد السلام لخضر، الذي تشبع بفكر عبد الحميد العلامة، وواصل دراسته وتمكن من نيل شهادة طبيب مختص في طب العيون.
وكان الشيخ ينتقد تأثر ابن أخيه بالفرنسيين لأنه درس في الكليات الفرنسية، ومما رواه لنا الأستاذ عبد الحق أن الشيخ عبد الحميد شاهد مرّة عبد السلام لخضر يرتدي القبعة الفرنسية أو ما يسمى بالبيري، فانتزعها من فوق رأسه وراح يدوسها بقدمه، وهو ما أثر في حياة الدكتور لخضر عبد السلام، الذي حزن على عمه عندما توفي عام 1940 وسار على نهجه، وعندما اندلعت الثورة انضم إليها، وصاحب المجاهد بن يوسف بن خدة الذي كان يقول له إنه يشرّف عمه العلامة الكبير، وفي عام 1960 قاد إضرابات الطلبة الجزائريين في الجزائر وفي فرنسا، وبينما اشتد المرض بوالده شقيق الشيخ السيد المولود، كانت فرنسا تبحث عن ابنه عبد السلام لخضر الذي طلّق الطب نهائيا واختصاص أمراض العيون، ودخل الجهاد المسلح إلى أن استشهد على الحدود الشرقية، ولم تمض سوى بضعة أيام حتى لحقه والده، الذي ورث عن العلامة مكتبته التي تحوي أمهات الكتب، ثم منحها للسيد عبد الحق ومازالت في بيته لحد الآن ويطلق حاليا اسم المستشفى الجامعي بقسنطينة على اسم الشهيد الدكتور لخضر عبد السلام بن باديس، وساهمت ابنة شقيقه الأصغر عبد الحق وهي السيدة فوزية بن باديس المتخصصة في القانون الإداري وعضو بمجلس الأمة للعهدة الثانية على التوالي ضمن الثلث الرئاسي رفقة أربعة أعضاء من الرجال.
ما سرّ المرض الذي قتل ابن باديس ولم رفضت فرنسا إذاعة وفاته؟
آخر ما كتبه الشيخ ابن باديس في حياته هو رسالة خطّها لصديق عمره وخليفته على رأس جمعية العلماء المسلمين البشير الإبراهيمي، وكتب فيها في الثالث عشر من شهر أفريل 1940: “أخي الكريم الأستاذ البشير الإبراهيمي السلام عليكم، لقد بلغني موقفكم المشرف العادل، لقد صنت الدين والعلم، فصانك الله وحفظك، عظم الله قدرك في الدنيا والآخرة”، وهو تثمين لرفض البشير الإبراهيمي الإغراءات الفرنسية، ليخلد للمرض المفاجئ منذ 14 أفريل، فكان والده السيد محمد المصطفى وشقيقه المولود يتوليان تمريضه في النهار، ويسهر معه شقيقه الأصغر عبد الحق ليلا، واستعانت العائلة بطبيبين هما ابن خاله الدكتور بن جلول والطبيب الفرنسي فالونسي، لتهتز قسنطينة في الثانية من زوال يوم الثلاثاء من عام 1940 بفاجعة رحيل إمامها الأول.
وبالرغم من أن السيد عبد الحق يصرّ على أن الشيخ أنهكه الجهد، بسبب ازدحام حياته بالعمل فقط، وبالدروس التي وصلت إلى غاية خمسة دروس في اليوم الواحد، وجولاته التي لا تتوقف عبر الحافلة والقطار.
وبالرغم من أن الشيخ لم يصبغ شعرة من شعره الأسود بلون الشيب الأبيض، ولم يضع نظارات، ولم تؤلمه ضرس في حياته، إلا أن بعض الروايات تقول إن الشيخ في يوم وفاته، قرئت على روحه تأبينيتان، بالفرنسية وبالعربية، وليس تأبينية مبارك الميلي الموثقة فقط، وتقول الرواية إن البشير الإبراهيمي كان غائبا عن قسنطينة فتولى التأبينية الشيخ مبارك الميلي رفقة العربي التبسي، وهي تأبينية متوفرة، عدّد فيها مناقب عبد الحميد بن باديس وأجهش بالبكاء، بينما التأبينية الثانية وتلاها باللغة الفرنسية قال فيها ابن خال الشيخ طبيبه الخاص الدكتور بن جلول باللغة الفرنسية وهو يبكي، إن الشيخ طلب منه ألا يذكر للناس المرض الذي قضى عليه أو سبب وفاته، وفعلا توفي الدكتور بن جلول قبل الاستقلال، وتركت تأبينيته الكثير من التأويلات، منها من تحدثت عن تعرضه للتسمم من الطرقيين أو المستعمر أو اليهود بعد معركة عام 1923 التي قضى فيها أكثر من عشرين يهوديا بأسلحة أهالي قسنطينة، ومنها من تحدثت عن سرطان المعدة والبواسير، لكن ما هو موجود في أرشيف آكس أونبروفانس علبة الولاية العامة للجزائر رقم 16 هـ 61 مثير للدهشة فعلا.
والمدهش، أن الجزائر وخاصة رجالات جمعية العلماء المسلمين لم تثر قضيته حسب علمنا، حيث يقول هذا الأرشيف الفرنسي إن إذاعة برلين الألمانية بتاريخ الثامن من ماي من عام 1940 بثت ثلاث حصص كاملة إحداها على الساعة الخامسة والنصف بعد العصر والثانية على الساعة السابعة إلا الربع مساء والثالثة الثامنة وخمسة وعشرين دقيقة بعد أن بلغها خبر وفاة العلامة الراحل بعد اثنين وعشرين يوما، تم خلالها الاستشهاد بما كتبته الصحيفة الإيطالية اليسارية المسماة الحركة الكولونيالية، قدمت فيه خبر وفاة العلامة عبد الحميد بن باديس على أنه مشبوه وغامض، وقالت إن ابن باديس هو أحد أكثر الرجال تأثيرا في العالمين العربي والإسلامي، وشوكة في حلق الفرنسيين، وقالت إذاعة برلين إن فرنسا أبرقت للإذاعة الفرنسية وأيضا للصحف الجزائرية لأجل ألا تعلن وفاة الشيخ عبد الحميد بن باديس المفاجئة، بينما كتبت الصحافة الإيطالية أن ملامح وجه الشيخ، في اليومين الأخيرين، قبل وفاته، كانت تؤكد أنه تناول السمّ.
وقدمت إذاعة برلين باللغة الألمانية تعازيها للجزائريين، وتحدثت عن مناقب مفكر كبير لا يمكن أن يجود بمثله العالم إلا مرة كل قرن أو أكثر، هل كان مصير الشيخ عبد الحميد بن باديس مثل مصير الرئيس الفلسطيني الأسبق ياسر عرفات؟ ومن الجهة التي دسّت السم في طعامه؟ رجل كان له أعداء من يهود كان يقطن في نفس الشارع الذي يقطنونه، وهو الشارع الذي شهد معركة قسنطينة الشهيرة، وفرنسيون لم يشهدوا منذ دخولهم الجزائر قبل أكثر من قرن ظاهرة فكرية مثل الظاهرة الباديسية، وكلها روايات نفاها شقيقه الأصغر واعتبرها محاولة لتشويه الشيخ وليس للدفاع عنه، ولخص سبب الوفاة في كونه كان يجهد نفسه لأجل الناس، إذ لم يترك قرية أو مدينة إلا وزارها وقدّم فيها دروسه.
تمر الآن واحدة وثمانون سنة، عن رحيل الشيخ عبد الحميد بن باديس، وكما عجزت الجزائر عن استرجاع أرشيف الثورة بالرغم من المحاولات العديدة، فإن الكثير من الفيديوهات الخاصة بالشيخ ابن باديس مازالت محجوزة في فرنسا، ويقال أن شريطا مصورا للشيخ وهو يقرأ شعرا تم بثه في فرنسا في الستينات لو يشاهده الجزائريون، ولا يمتلك التلفزيون الجزائري غير دقيقة مصوّرة عن جنازة الشيخ تم بثه مرة، وظهر منذ ثلاث سنوات شريط عن سفرية الشيخ ابن باديس عام 1937 إلى تلمسان وهو شريط متحرك من أربع دقائق متوفر حاليا في اليوتوب بعنوان شريط نادر للشيخ ابن باديس، يصوّر الشيخ رفقة صديقه البشير الإبراهيمي، وهما يترجلان من محطة القطار بتلمسان إلى وسط المدينة، وكان في انتظارهما كل سكان المدينة الذين استقبلوهما بأغان أندلسية، وألقى الشيخ عبد الحميد بن باديس كلمة موجزة، ولكن من دون صوت في الشريط، ومن غير المعقول أن فرنسا التي صوّرت الشيخ في سفرية عام 1937 تجاهلت نشاطاته في السنوات الثلاث الأخرى في آخر عمره.
وفي الوقت الذي قالت الجامعة الإسلامية بقسنطينة إن الشريط وصلها من طرف طالب جزائري يدرس في باريس، تأكد أن عائلة الإبراهيمي امتلكت الشريط منذ عقود، وأكيد أن سفرية الشيخ الوحيدة إلى باريس مسجلة بالصوت والصورة أيضا في عام 1936، مما يعني أن ما يوجد عن الشيخ في باريس مفيد للباحثين ولعامة الجزائريين، لأن المعروف أن الشيخ ابن باديس أحرق عشرين سنة من عمره في تفسير القرآن الكريم وأيضا في تفسير موطإ الإمام مالك، ولا نمتلك سوى قطرة من بحر هذه التفسيرات، ويقول الدكتور عمار طالبي أول من كتب عن الشيخ منذ بداية الاستقلال إنه قضى ما يزيد عن ثلاث سنوات، في جمع وترتيب آثار ابن باديس مما جعله يسافر إلى بعض البلاد العربية للعثور على ما لا يوجد في الجزائر مما أتى عليه تخريب القوات الاستعمارية، وإحراقها لكنوز الفكر الإنساني، وقال إن الشيخ أملى إملاءات كثيرة على طلابه، ولا تزال مخطوطة أو مبعثرة أو مفقودة، واعترف بأن المطبوع أيضا غير متوفر ومنه جريدة المنتقد التي ضاعت غالبية أعدادها.
يتبع
تاريخ ابن باديس مخزون في باريس.. والجزائر عاجزة عن إنشاء متحف لآثاره
أقراء أيضا
افضل 40 تطبيق أندرويد مجانا بأداء خرافي
[elementor-template id=”7272″]
المصدر : منتوف ومواقع انترنت 👇تاريخ ابن باديس مخزون في باريس.. والجزائر عاجزة عن إنشاء متحف لآثاره
تاريخ ابن باديس مخزون في باريس.. والجزائر عاجزة عن إنشاء متحف لآثاره
إرسال التعليق
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.