ذكرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الخميس أن القوات الإثيوبية قصفت مناطق مكتظة بالسكان في الأسابيع الأولى من النزاع في منطقة تيغراي المضطربة في شمال البلاد، ما أسفر عن مقتل 83 مدنياً على الأقل وتشريد الآلاف.
وأصاب القصف المدفعي للقوات الداعمة لحكومة رئيس الوزراء أبي أحمد، الحائز جائزة نوبل للسلام لعام 2019، “منازل ومستشفيات ومدارس وأسواق”، حسبما ذكر التقرير الذي ركّز على العاصمة الإقليمية ميكيلي وبلدتي شاير وحميرة.
مدينة ميكيلي عاصمة تيغراي (أرشيفية)
وقالت مديرة منظمة “هيومن رايتس ووتش” في القرن الإفريقي ليتيسيا بدر: “في بداية الحرب، قصفت القوات الفدرالية الإثيوبية بالمدفعية مناطق حضرية في تيغراي بشكل عشوائي على ما يبدو، وكان من المحتم أن يلحق ذلك خسائر في صفوف المدنيين ويدمر ممتلكات”. ودعا التقرير الأمم المتحدة إلى التحقيق في انتهاكات محتملة لقوانين الحرب.
وفي الرابع من نوفمبر الماضي أطلق رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد هجوماً عسكرياً على سلطات تيغراي المنبثقة عن جبهة تحرير شعب تيغراي، رداً على هجمات شنتها الجبهة على معسكرات للجيش الفدرالي.
وأعلن أبي النصر في 28 نوفمبر بعد السيطرة على العاصمة الإقليمية ميكيلي، فيما تعهدت الجبهة بمواصلة القتال. وتشير منظمات إنسانية ودبلوماسيون إلى أن انعدام الأمن في المنطقة يعيق بشكل كبير عمليات الإغاثة الإنسانية.
وكان أبي قال في وقت سابق إن الجيش توخى الحذر لتجنب وقع ضحايا مدنيين، وأبلغ المشرعين أواخر نوفمبر أنه أي مدني لم يُقتل مع دخول قواته إلى مدن تيغراي.
مقتل العشرات في يوم واحد
وقُتل الآلاف جراء القتال في تيغراي، حسب مجموعة الأزمات الدولية فيما فر عشرات الآلاف من اللاجئين عبر الحدود إلى السودان المجاورة.
لاجئون من تيغراي في السودان
وأوضحت “هيومن رايتس ووتش” أن الأطباء في بلدة حميرة في غرب البلاد أفادوا بمقتل ما لا يقل عن 46 شخصاً وإصابة 200 في يوم واحد خلال الأسبوع الأول من القتال، مضيفةً أن “إجمالي الإصابات في ذلك اليوم كان أعلى على الأرجح”.
ونقلت المنظمة عن طبيب قوله “بدأ المدنيون في الوصول إلى المستشفى مصابين بجروح في البطن والصدر والرأس. كنا في وضع مزر”.
وتابع أنهم شاهدوا “أناس بلا أياد وآخرين بطونهم مفتوحة”. وكان طبيب في مستشفى ميكيلي أفاد وكالة “فرانس برس” في وقت سابق أن 27 مدنياً قتلوا في “قصف مدفعي وصاروخي” في 28 نوفمبر، يوم وصول القوات الفدرالية، وأنّ أكثر من 100 جرحوا.
وقالت “هيومن رايتس ووتش” إن “العديد من عمليات القصف المدفعي لم تطل على ما يبدو أهدافا عسكرية محددة لكنّها أصابت مناطق عامة مأهولة”.
ولا يزال وصول وسائل الإعلام إلى المنطقة مقيّداً بشدة، ما يعقد الجهود لتبيان الظروف الحقيقية على الأرض. وقالت بدر: “ينبغي على إثيوبيا أن تسمح على الفور لمحققي الأمم المتحدة في قضية تيغراي بتوثيق سلوك الأطراف المتحاربة في صراع دمّر حياة الملايين ولا ينبغي تجاهله بعد الآن”.
ضرورة وصول المساعدات
وتعززت المخاوف من حصول كارثة إنسانية في تيغراي، المنطقة الواقعة في شمال إثيوبيا وشبه المقطوعة عن العالم منذ مطلع نوفمبر.
وقال مدير الصليب الأحمر أبيرا تولا في مؤتمر صحافي عبر الانترنت من أديس أبابا إنه “لا يمكن الوصول إلى 80% من تيغراي”، مضيفاً أن في حال لم يتحسّن وصول المساعدات الإنسانية إلى المنطقة، فإن عدد ضحايا الجوع يمكن أن يبلغ “عشرات الآلاف” في غضون شهرين.
ويقدّر الصليب الأحمر الإثيوبي حالياً أن نحو 3.8 ملايين من أصل حوالي ستة ملايين نسمة في تيغراي، يحتاجون إلى مساعدة إنسانية، في ارتفاع مقارنةً بالتقدير السابق وهو 2.4 مليوناً.
والخميس أيضاً، قالت لجنة حقوق الإنسان الإثيوبية ، وهي هيئة تابعة للحكومة لكنّ مستقلة، إن “الصراع المستمر” أعاق حركة السلع الأساسية وتوفير المساعدة الإنسانية، وأبطأ الاستئناف الكامل لخدمات نقل المساعدات الإنسانية”.
وتقول الحكومة إنها تعمل على توفير المساعدة الإنسانية لجميع المحتاجين في تيغراي، مع توسيع نطاق وصول عمال الإغاثة حينما يسمح الوضع الأمني.
إرسال التعليق
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.