معهد العالم العربي في باريس: اسم أضخم من حامله

معهد العالم العربي في باريس: اسم أضخم من حامله

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on pinterest
Share on email
Share on whatsapp

معهد العالم العربي في باريس: اسم أضخم من حامله

🟢 #معهد #العالم #العربي #في #باريس #اسم #أضخم #من #حامله

معهد العالم العربي في باريس: اسم أضخم من حامله
[ad_2]

رشا سلامة*

لم يكن صعباً على سائق التاكسي الفرنسي فهم اسم معهد العالم العربي الذي قلته له بالإنجليزية، طالبةً أن يوصلني إليه. المعهد ذائع الصيت في باريس، ومبناه شاهق بألواحه المعدنية الفضية التي تظلل واجهاته جميعها، وفي موقع مميز في المدينة على مقربة من أشهر المعالم السياحية والتاريخية.
أول ما طالعتني كلمة “حبيبي” المكتوبة بالعربية والتي تتصدر إحدى واجهات المبنى. ظننت لوهلة أنها نوع من طرافة الغرب حين يحاول استخدام كلمة عربية، وأسهلها وأكثرها شيوعاً عنا “حبيبي”، لكني فهمت حين دخلت المبنى أن هذا عنوان معرض فني يستضيفه المعهد حالياً، وهو عن المثلية الجنسية في العالم العربي، وبأكثر المشاهِد الممكنة فضائحياً!
ليس معرض المثلية الجنسية وحده فقط ما أثار استغرابي من معهد شهير كمعهد العالم العربي في باريس، لكن السطحية والهشاشة التي ظهرت عليها الأمور في جنباته؛ إذ من إرث شعري ونثري ضخم تحفل به المكتبة العربية من المحيط إلى الخليج لم يختر القائمون على المعهد سوى عبارات ركيكة منثورة في جنباته لا أعرف من كتبها وقد ذكّرتني بكثير من العبارات الضحلة التي أراها في مرات على زجاج المركبات في العالم العربي. ومن أرشيف غنائي ضخم لدى العرب لم يظهر سوى صوت فنان شاب بأغنية هزيلة ترن في الطابق السفلي من المعهد. المكتبة المصممة بطريقة تحاكي مئذنة سامراء ينطبق عليها توصيف “من كل بستان زهرة”؛ إذ معروضاتها شحيحة ولا ترابط بينها، كما تضم من الكُتّاب المغمورين ما يفوق بكثير الأسماء المكرّسة في العالم العربي، والأهم من هذا وذاك أن جل الكتب المعروضة بلغة عربية وليس فرنسية أو إنجليزية، وهو ما يُعيد المشكلة المزمنة عربياً وهي أننا نتحدث إلى أنفسنا عن أنفسنا، أي أننا نحن المتحدث والمستمِع والموضوع المثار.
المعهد، الذي يحظى بتمويل من أقطار عربية عدة، وبشكل منتظم، لا يخدم العالم العربي ولا يقدم روايته ولا مرافعته أمام العالم، وفي دولة مهمة مثل فرنسا تشهد تواجداً عربياً كثيفاً، ولا يقدم القضايا العربية العالقة التي تحتاج كثيراً من الإيضاح للجمهور الغربي مثل القضية الفلسطينية وقضايا اللاجئين وقوارب الهجرة غير الشرعية والأزمات الاقتصادية وغيرها. في خانة المعروضات التاريخية كان الشمعدان اليهودي حاضراً كجزء من المعروضات التاريخية من منطقة القدس! جلّ صالات المعهد خاوية وغير مضاءة. ليس ثمة وجود للدفء العربي في الاستقبال ولا المعروضات ولا الثيمات المتواجدة، ولا حتى رصانة المعاهد ذات الطابع الأكاديمي والعلمي أو الثقافي.
خرجت من المعهد بخفيّ حنين وبكثير من الاستياء والجزم أن إحدى مشكلات العالم العربي الأبرز هي غياب الرواية العربية المحبوكة بعناية أمام الجمهور الغربي. وبذا، لم أعد ألوم الجمهور الغربي على كثير من الصور النمطية التي يشكّلها عن العالم العربي وقضاياه، وكثير من تخوّفه من العربي وردات فعله وشخصيته، ولا في دعمه المعتاد لأي طرف آخر يقف في مواجهة العربي؛ ذلك أن روايتنا معطّلة تماماً وحتى حين تظهر فإنها لا تخرج عن الأُطر الاستشراقية الضحلة التي تقدم العالم العربي بمظهر لا يزيد عن رائحة البخور وتحت الإضاءة الخافتة وبحضور الطلاسم والأسحار وبنقوشات الحنّاء والأزياء العجائبية، وكأن العالم العربي ينبعث من أجواء حكاية “علي بابا والأربعين حرامي”.
ثلاثة مشاهِد كانت قد خففت من استيائي في باريس مما رأيت في معهد العالم العربي، الأول كان الشاب المغربي الذي يشرف على مطعم المعهد والذي يقدّم أطباقاً أصيلة من المطبخ المغربي العريق وهو الملمّ بعالمه العربي وقضاياه على الرغم من هجرة عائلته الطويلة في فرنسا، والثاني كان سائق تاكسي جزائري ركبت في سيارته بالصدفة وأنا عائدة من قوس النصر نحو الفندق؛ إذ كان يشرح لي باستفاضة كيف يترافع عن القضايا العربية على طريقته الخاصة ومن خلال مقعده في سيارة التاكسي. يقول إنه كلما ركب معه فرنسي وفتح معه حديثاً يعرّف ذاته أنه من فلسطين؛ ليوجِد بذلك مدخلاً للحديث عن الاحتلال الإسرائيلي. يقول إنه بهذا يحقق “أضعف الإيمان” كعربي في مدينة مثل باريس، منذ ما يزيد على عشرين عاماً. والمشهد الثالث كان للطبيب والسياسي التونسي المنصف المرزوقي الذي التقيته على مقربة من برج إيفل منتظراً حفيدتيه حتى تفرغان من اللعب. كنت قد تأخرت عن الرحلة البحرية في نهر السين ذات صباح، لأقف منتظرة الرحلة التي تليها، وإذ بي ألمح المرزوقي بابتسامته الهادئة وصوته العميق وثقافته الواسعة ومرحه الظاهر. هؤلاء كانوا المعاهد العربية الحقيقية التي رأيتها في باريس على مدى خمسة أيام.

*صحافية وأستاذة جامعية في الإعلام

معهد العالم العربي في باريس: اسم أضخم من حامله
أقراء أيضا
افضل 40 تطبيق أندرويد مجانا بأداء خرافي

المصدر : منتوف ومواقع انترنت 👇معهد العالم العربي في باريس: اسم أضخم من حامله
[ad_1]
معهد العالم العربي في باريس: اسم أضخم من حامله