في تجربة ليلى الأطرش الروائية.. تعدّد العوالم والأمكنة والأزمنة – ضفة ثالثة

في تجربة ليلى الأطرش الروائية.. تعدّد العوالم والأمكنة والأزمنة – ضفة ثالثة

20/03/2022 0 By mantowf team

🦋 #في #تجربة #ليلى #الأطرش #الروائية #تعدد #العوالم #والأمكنة #والأزمنة #ضفة #ثالثة #منتوف #MANTOWF
أشترك في قناة الأبراج على يوتوب : bit.ly/Abraj-alyoum2
في تجربة ليلى الأطرش الروائية.. تعدّد العوالم والأمكنة والأزمنة – ضفة ثالثة
[ad_2]
[elementor-template id=”7268″]

على مدار تجربتها الروائية، اهتمت ليلى الأطرش (1948 ـ 2021) بزوايا متعددة من النظر إلى العالم، وتجارب إنسانية مختلفة ومتباينة، وعوالم يمكن وصفها بأنها متباعدة، لا تتناسل من بؤرة واحدة، تعيد الكاتبة النظر فيها في كل رواية تكتبها، كما هي حال كثير من الروائيات والروائيين. فهي على النقيض من هذا النوع من الكتاب، تبني في كل رواية تكتبها عالمًا متخيلًا من الشخصيات والأحداث والأمكنة والأزمنة والجغرافيات المختلفة، التي تشكل كونَها الروائي المتعدد، وعالمَ شخصياتها التي تنتمي إلى خبرات إنسانية، وجنسيات، وقناعات فكرية وأيديولوجية، وطبقات وشرائح اجتماعية، وكذلك أنواع جنسية (جندرية)، متعددة ومتباينة. وما أقصد قوله، هنا، هو أنها لا تُعنى بحشرِ كتابتها الروائية في إطار ضيق من الموضوعات والتجارب ورؤى العالم، وجعلِ عملها الأول يتناسل ويتوالد في الأعمال التالية لها. وهي، لذلك، لا تنشغل بكتابة رواية المرأة المقموعة في المجتمعات البطركية الأبوية؛ أو تخييل الذاكرة الفلسطينية، والتركيز على سرد الحكاية الفلسطينية، وما جرى للفلسطينيين بعد نكبة 1948، وقد ولدت ليلى الأطرش في عام النحس ذاك، الذي شرَّد الفلسطينيين من ديارهم، وفرَّقهم أيدي سبأ؛ أو التحركِ في حدود الجغرافيا الأردنية والفلسطينية فقط لا تجاوزهما إلى الجغرافيات العربية الأخرى. إنها تكتب ما سبق كلَّه، وتسعى إلى بناء عالمها الروائي المتخيَّل من خيوط تلك التجارب والخبرات، والأهواء، والأتواق، والتبدلات، والصراعات، واللجوء والشتات، والانقطاعات، والانقلابات، والانهيارات، والهزائم، التي ألمَّت بالعالم العربي كله، وأوصلته إلى ما آل إليه من تشرذم وتفتت وافتقاد طريق.

تسعى ليلى الأطرش إلى كتابة تجارب العرب في الوقت الراهن، مستفيدة من تجربتها في الارتحال والعمل والخبرات الحياتية الواسعة المتعددة، راسمةً نماذجها الروائية، وشخصياتها التي تنتمي إلى ألوان الطيف القومي، كما الجندري، والفكري، المتعدد بتعدد التجارب، والمختلف باختلاف الجندر، والطبقة، والشريحة الاجتماعية، والقناعة الفكرية، والبيئة، والمنطقة. ففي رواياتها فلسطينيون، وأردنيون، وعراقيون، وخليجيون، تقوم الكاتبة بسرد حكاياتهم، ورسم رؤاهم للعالم، وتحليل أنماطهم السلوكية، ومعاناتهم، وصراعاتهم الداخلية، وصداماتهم مع المحيط السياسي والاجتماعي والفكري والثقافي الذي يغلف تجاربهم ويشكل خبراتهم الحياتية. وهي بهذا المعنى، تسعى إلى تقديم صورة ذات أبعاد مركبة ومعقدة وغير متجانسة للعالم العربي، من خلال المتخيَّل السردي.
وإذا كانت ليلى الأطرش قد بدأت مسيرتها الروائية في “وتشرق غربًا” (1987)، ساعيةً إلى تفكيك الشروط السياسية والاجتماعية للتحرر الفلسطيني، وخصوصًا تحرر المرأة ومشاركتها في مقاومة الاحتلال في الضفة الغربية بعد احتلال 1967، باحثةً عن حلول للمحرمات الاجتماعية والدينية، والحواجز الصلدة المقيمة بين الطوائف والمذاهب، فإنها في عملها التالي “امرأة للفصول الخمسة” (1990) تركز بؤرة سردها على شريحة من الفلسطينيين الذين ارتحلوا، بعد اغتصاب فلسطين، إلى دول الخليج، لعلهم يبرأون من جروح النكبة، ولينتهز بعضهم حاجة الخليج إلى خبراتهم لكي يجمعوا ثروات طائلة. لكن الكاتبة، وهي المهمومة بحضور الذات الأنثوية ومشكلات المرأة العربية، وصراعها مع ذكورية المجتمعات العربية، والقمع الاجتماعي الذي تتعرض له، تقيم روايتها على نسيج متشابك من العلاقات، والأحداث، والصراعات، والدسائس، والارتكاسات السيكولوجية، للنساء والرجال في الرواية. يتقاطع مع هذه الحبكة، التي تجلو علاقة المرأة بالرجل في مجتمع شرقي متخلف، وصفٌ جانبي لتشكُّل الدول الخليجية الصغيرة، في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وصراعات الحدود والسيادة بينها. وفي هذا السياق من تشابك العلاقات والمصالح، ترسم الرواية انتهازية المتسلقين على جسد المقاومة الفلسطينية، وعلاقاتهم المشبوهة بتجارة السلاح، وتشابك مصالحهم مع بعض الدول الخليجية.

في “امرأة للفصول الخمسة”، نعثر على موزاييك المادة التي تبني منها الأطرش رواياتها. ثمَّة خيطٌ أساسي حول النكبة الفلسطينية يشتبك مع سعي الكاتبة إلى رسم حدود الأبوية الشرقية العربية، وكذلك كتابة تاريخ العلاقة المعقدة بين منظمة التحرير الفلسطينية ودول الخليج العربي الناشئة بعد ضياع فلسطين وتشرد أهلها، وهجرة كثير منهم إلى تلك الدول. وما هو جديدٌ في رواية ليلى الأطرش الثانية، هو عنصر الخليج وشخصياته وبيئته وجغرافيَّته الذي سنصادفه كثيرًا في بعض روايات ليلى الأطرش التالية، وخصوصًا في روايتيها “صهيل المسافات” (1999)، و”مرافئ الوهم” (2005).

تنشغل “صهيل المسافات” بتوسيع موتيف جانبي جرى الحديث عنه بصورة مواربة في “امرأة للفصول الخمسة”. ففي الرواية السابقة رسمت الكاتبة صراعات الحدود والوجود بين الدول الخليجية الصغيرة الناشئة، وسعيها لشراء السلاح لحماية نفسها من الدول الخليجية المجاورة لها، وذلك باستغلال علاقاتها الخفية مع بعض رجال المقاومة الفلسطينية. أما في “صهيل المسافات” فنحن في حضرة رواية منشغلة تمامًا بمعضلات الخليج وصراعاته، ومشكلاته الاجتماعية، وتأثيرات الأيديولوجية القومية، والناصريَّة بصورة خاصة، على بعض أبنائه، وحلم هؤلاء ببناء دولة قومية. ولكن هذا الحلم يصطدم بالبنية القبلية، والتراتبيات والانقسامات الاجتماعية، والإحن القبلية التي تنتقل إلى بنية الدول التي تتشكَّل على مقاس القبيلة، وعلاقات قبائلها الأساسية المؤثرة. لكن ليلى الأطرش، ولإعطاء قاعٍ سياسي، واجتماعي، وطبقي، ونفسي، تشيِّد روايتها على حكاية أستاذ جامعي وديبلوماسي وكاتب هارب من بلده الخليجي إلى البلد الخليجي المجاور له، حيث يصبح مقربًا من رئيس البلد الخليجي الذي وفد إليه. لكن هذا الرئيس لا يستطيع في النهاية حمايته من الدسائس التي يحوكها أحد أبناء القبائل المتنفذة في تلك الدولة. وكما عهدنا في روايات الكاتبة السابقة، فإن المرأة تحضر في نماذج نسوية متعددة: الزوجة التي تعضد زوجها وتسنده وتكون له سكنًا، والمرأة الأوروبية الباحثة عن سحر الشرق وعجائبيته، والمرأة الساحرة، صاعقة الجمال، الماكرة، التي تنتمي إلى حاضرة عربية (حلب)، وتستغل الشاب الخليجي الهارب، المتخفي تحت اسم قبيلة خليجية كبيرة، للزواج من قريبها الغني المتردد. يضاف إلى هذه النماذج النسوية: الأم الفقيرة التي تغذي خيال طفلها بقصص وحكايات النجاح، والقدرة على تخطي الحواجز الطبقية والاجتماعية، والمرأة المغلوبة على أمرها المُفترَسة من قبل علية القوم من أبناء القبائل. وهكذا، في عمل ترويه الشخصية الرئيسية، وتسعى إلى تسليط الضوء على محنتها، تبدو الكاتبة وفية لعوالمها، وانشغالاتها، واهتمامها بتجلية عناصر القهر الاجتماعي، الظاهر والباطن، الذي تتعرض له المرأة، في العالم العربي، في الحواضر العربية التاريخية، وكذلك في مدن وأرياف وبوادي الخليج العربي. فالأمر سيَّان، هنا أو هناك، والفرق في درجة القمع والكبت والتحريم لا في مبدأ القمع والتحريم.

في “مرافئ الوهم”، تقيم ليلى الأطرش توازيات، وتضادّات، وتقاطعات، بين تجارب من أصقاع عربية متعددة: فلسطين، العراق، الخليج، متخذة من الخليج مكانًا تتحرك فيه الشخصيات وتتلاقى؛ رغم أن جزءًا من أحداث الرواية يقع في لندن أثناء تصوير لقاء تلفزيوني مع صحافي فلسطيني كبير من الراقصين على الحبال، المزيفين، ومطلقي الشعارات البراقة. لكن البؤرة المركزية للسرد تدور حول الإعلامية الفلسطينية التي أحبت في صباها الصحافيَّ الفلسطيني فتخلى عنها، وحول معاونِتها المرأة السنيَّة العراقية التي تحب طليقها الشيعي العراقي، ولكنها تأبى العودة إليه لأنه طلقها للمرة الثالثة، فلم تعد تحلُّ له إلا بعد الزواج من غيره. يتقاطع مع هاتين الحكايتين حكاية المخرج التلفزيوني الخليجي الذي يحب زوجته، ولكنه مولع بجنس النساء كله. وفي تقاطع هذه الأسرار التي تتكشَّف للشخصيات الأربع التي تحتل بؤرة العمل، تسعى الكاتبة إلى تجلية الأوهام التي تعيشها تلك الشخصيات، ومن ثمَّ المجتمعات العربية التي تنتمي إليها. إن غاية الرواية هي الكشف عن زيف التقاليد والأفكار والمواضعات والتوافقات المذهبية والطائفية، القَبَليَّة الطابع في المجتمعات العربية المختلفة. وكما رأينا في “صهيل المسافات”، فإن فارق التخلف، والقمع، وزيف المجتمع، يتمثل في الدرجة، لا في المبدأ، بغض النظر عن الأمكنة العربية المختلفة. لكن اللافت في روايات ليلى الأطرش، بدءًا من روايتها الأولى، يتمثَّل في انشغال المرأة بتحقيق تحررها واستقلاليتها عن الرجل، رغم شعورها الدائم بأنها مصلوبة بأمراس التقاليد الاجتماعية الغليظة، لا تستطيع التخلص منها، في معظم الأحيان، مهما حاولت وناضلت.

على حوافِّ هذه الثيمات الأساسية، التي تنسج منها ليلى الأطرش عالمها الروائي، تسعى “ليلتان وظل امرأة” (1998) إلى الغوص في مشاعر أختين فلسطينيتين، إحداهما تعيش في القدس، والأخرى في عمان، على خلفية الانتفاضة الفلسطينية الأولى. وتبدو هذه الرواية نافرةً في سلسلة الأعمال التي كتبتها الأطرش، فهي مشغولة بعلاقة الغيرة المتبادلة بين الأختين، فيما تشحب الانتفاضة وأحداثها، إلا من إشارات بعيدة لا توضح لنا وجهة نظر الأختين في هذه الانتفاضة، سوى في خوف الأخت التي تعيش في الضفة الغربية على أبنائها في ظل قيامة الشعب الفلسطيني في نهاية ثمانينيات القرن الماضي. لكنها في “ترانيم الغواية” (2015) تعود إلى زمن الدولة العثمانية، وظهور التوجهات القومية بين مواطني الخلافة العثمانية من العرب، وازدياد بطش القائد التركي جمال باشا السفاح، حيث تقدم صورة فلسطين الحية النابضة، كحاضرة من حواضر العرب ما قبل النكبة، من خلال سرد تاريخ عائلة مسيحية مقدسية.

أما “رغبات ذاك الخريف” (2010)، فتسعى إلى تقديم إطلالة على أميركا، على خلفية التفجيرات الإرهابية التي ضربت عددًا من فنادق مدينة عمّان في 9 نوفمبر (تشرين ثاني) 2005، حيث تصور الرواية شبكة معقدة من الأحداث والتفاصيل تتداخل فيها الجغرافيا السياسية والاجتماعية لأردن القرن الحادي والعشرين مع صورة أميركا في جانب من جوانبها. ولتجلية هذا التقابل والتضاد بين صورة الوطن وصورة المغترب الأميركي، تحكي الرواية عددًا من القصص التي تدور أحداثها في أماكن عديدة: عمان، فلسطين المحتلة، الكويت، بيروت، باريس، وكذلك أيوا، لتلتقي هذه الحكايات في النهاية في مصبِّ الرواية الأخير، أي في حوادث التفجير المروِّعة التي ضربت هدوء عمان في ذلك الخريف الأردني الدامي.


في تجربة ليلى الأطرش الروائية.. تعدّد العوالم والأمكنة والأزمنة – ضفة ثالثة
أقراء أيضا
افضل 40 تطبيق أندرويد مجانا بأداء خرافي
[elementor-template id=”7272″]
المصدر : منتوف ومواقع انترنت 👇في تجربة ليلى الأطرش الروائية.. تعدّد العوالم والأمكنة والأزمنة – ضفة ثالثة
[ad_1]
في تجربة ليلى الأطرش الروائية.. تعدّد العوالم والأمكنة والأزمنة – ضفة ثالثة
[ad_2]
في تجربة ليلى الأطرش الروائية.. تعدّد العوالم والأمكنة والأزمنة – ضفة ثالثة