وكأنما استمدت السودانية “عزة عبدالحليم القوصي” قوة الإرادة التي تتسربل بها من رائعة خليل فرح “عزة في هواك” ، ويبدو أن بينهما ثمة رابط، فإن كانت عزة التي يهواها الشاعر تمثل رمزية الوطن، فإن عزة القوصي تشربت من ذات الوطن بالعزة ونهلت من معين الآباء والأمهات وهي تجسد في مسيرتها المهنية بقطاع الطيران الشموخ والسعي الدؤوب لارتقاء أعلى المراتب، وبفضل جهدها ومثابرتها باتت ملهمة للشابات اللائي يأملن أن ينتهي بهن المطاف إلى ماوصلت إليه عزة القوصي التي باتت تمثل وجها مشرقا ومشرفا للمرأة السودانية بالخطوط الجوية القطرية العملاقة.

ومن يتتبع مسيرة عزة القوصي تستوقفه تعدد محطاتها ويتلمس كذلك مدى إصرارها على المضي بعيداً في مجال الطيران حتى تمكنت من اكتساب سيرة ذاتية عطرة، درست عزة هندسة الإلكترونيات وعملت في مجال الهندسة والاتصالات عاماً كاملاً بعد تخرجها ولم تكن تدري ان الأقدار تنسج لها قصة مستقبل لاعلاقة له بتخصصها الذي درسته ،ففي منتصف العقد الأول من هذه الألفية سمعت مثل غيرها عن رغبة شركة سويسرية “سويس بورت” توظيف عاملين فى مجال المناولة الأرضية بمطار الخرطوم، ويبدو أن رأيها استقر على التقديم عسى ولعل تحصل على وظيفة ذات عائد أفضل.

لم تتردد وسارعت فى التقديم بعدها اخضعتها الشركة مع غيرها من المتقدمين لمعاينات وكورسات مكثفة على أيدي خبراء من بينهم سويسرين بفندق السلام روتانا فى العام ٢٠٠٥م، لتحقق تميز لافت بعد أن اجتازت المعاينات بجدارة

ومن حسن حظها فإن شركة سويس بورت كانت تعمل مع 75% من شركات الطيران في مطار الخرطوم وكانت تتولى عمليات المناولة الأرضية لشركات عديدة منها الأفريقية، السعودية وغيرها، قبل أن تنتقل سويس بورت الى شركة كويتية ثم أصبحت ناس بورت وتوسعت أعمالها حيث باتت تقدم الخدمات لمصر للطيران، فلاي دبي، الخليجية، وطيران الامارات وغيرها من الشركات، كانت وقتها عزه “duty manager” ومسؤولة عن روستر الاسطاف إلى أنهت مسيرتها مع الشركة في عام 2011.

بعد أن اكتسبت خبرة جيدة ولاتصافها بالطموح صوبت بصرها نحو محطتها العملية التالية وعندما ولجت شركة العربية للطيران سوق العمل بالسودان وجدت عزة طريقا إليها وانتقلت للعمل بها حيث تجولت على جميع الأقسام بعد أن تلقت كورسات تدريبية متقدمة، وتعد من أوائل العاملين بالشركة،لم يمضي عام واحد حتى تم استيعابها ضمن طاقم شركة الإتحاد للمناولة الأرضية التى أيضاً حققت فيها نجاحا باهرا واثبتت وجودها.

و مسيرة عزة لم تتوقف على ناس بورت والعربية بل تحمل بين ثنايا أوراق مشوارها صفحة أخرى مشرقة توضح أنها من مؤسسي شركة بدر للطيران حيث عملت معها في العام 2012 في بداياتها واسهمت فى إنشاء الشركة وكانت صاحبة بصمة عبر تأهيل الكوادر، غير أنها لم تستمر طويلاً مع بدر حيث ساقها الحنين إلى نقطة البداية وعادت عام 2014 إلى شركة ناس بورت التي استمرت فيها حتى العام 2019 الذي انتقلت خلاله الي شركة ماكس، واستقر بها المقام أخيراً فى محطتها الأخيرة وهي الخطوط الجوية القطرية .

تحمل السيرة الذاتية لعزة العديد من النجاحات على صعيد الخبرات والتأهيل فهي تعد أستاذة في مجال أنظمة التشغيل مثل sabre الإتحاد والخليجية، وAltea القطرية ومصر للطيران، و AsConnrct طيران الامارات وMACS، وسستم الاماراتية وفلاي دبي كما درست سستم flight controller لبعض خطوط الطيران.

تزوجت عزة كغيرها من بنات حواء ومن ذات الوسط الذي تعمل فيه فقد تعرفت على زوجها فى ذات مجال عملها، وهي أم لثلاثة أبناء “حليم، مجد، مهاب” ،و بخلاف أسرتها فإن عزة تستمد أيضاً طاقتها من أسرتها الكبير التي تدين لها بالوفاء وتبدو ممتنة لها لدعمها الدائم ووقفتها بجانبها.

اما عن تربية الأبناء فإنها تنصح كل أم عاملة بأن عليها بمجرد دخول مكان عملها ترك تفاصيل البيت في عتبة الباب وكذلك تفعل ذات الشئ عند الفرغ من العمل فعند عودتها لمنزلها تبدأ سيناريو مختلف تماما يتمحور حول واجبات حتمية، وتنشئة أبناء صالحين بالنسبة لعزة القوصي أهم من أي شيء آخر، فمثلما صنع منها والديها امرأة مثابرة وناجحة فهي تنشد أن تفعل ذلك تجاه أبنائها.

الخرطوم:ناهد سعيد
طيران بلدنا