تحوُّل اقتصادي في السعودية.. هل بدأت رؤية 2030 تؤتي ثمارها؟ – الجزيرة نت

تحوُّل اقتصادي في السعودية.. هل بدأت رؤية 2030 تؤتي ثمارها؟ – الجزيرة نت

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on pinterest
Share on email
Share on whatsapp

تحوُّل اقتصادي في السعودية.. هل بدأت رؤية 2030 تؤتي ثمارها؟ – الجزيرة نت

✨ #أخبار | #تحول #اقتصادي #في #السعودية #هل #بدأت #رؤية #تؤتي #ثمارها #الجزيرة #نت


تحوُّل اقتصادي في السعودية.. هل بدأت رؤية 2030 تؤتي ثمارها؟ – الجزيرة نت

مقدمة الترجمة

أعدَّت كارِن يانغ، الزميلة البارزة في معهد الشرق الأوسط في واشنطن العاصمة ومديرة برنامج الاقتصاد والطاقة في المعهد ذاته، تحليلا نشرته مجلة “فورين أفيرز” الأميركية تتناول فيه ملامح السياسة الاقتصادية السعودية الجديدة، وتشرح أين تقف المملكة الآن من أهداف “رؤية 2030″، وكيف تتأقلم مع تذبذب أسعار النفط العالمية.

نص الترجمة

في عام 2016، شرعت المملكة العربية السعودية في تجربة سياسية واقتصادية ثورية. ففي إبريل/نيسان من ذلك العام، أعلن ولي ولي العهد آنذاك، محمد بن سلمان، عن مبادرة الإصلاح الاقتصادي “رؤية 2030″، وصحب ابن سلمان إعلانه عنها بنقد لاذع لاعتماد بلاده على النفط. وبحسب رؤية الأمير، فإن المملكة تحتاج إلى مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين، والتخلُّص من وضعها بوصفها دولة ريعية معتمدة على عائدات صادرات النفط. بدلا من ذلك، ستدمج المملكة اقتصادها في سوق المال العالمية باعتباره وجهة لأموالها ومصدرا للاستثمار على السواء. كما أعلن ابن سلمان أن صندوق الثروة السيادي السعودي سيتولَّى “أكثر من 10% من القدرة الاستثمارية للعالم”.

شهدت السعودية بالفعل تغيرات اجتماعية هائلة في هذه السنوات الأخيرة، بيد أنها تعثَّرت في طريقها نحو بعض هذه الأهداف المالية الطموحة. فما زالت المملكة في انتظار الكثير من الاستثمار الأجنبي المباشر الذي وُعدت به، بينما استُنزف الاحتياطي الأجنبي لديها بسبب خطة النمو. ولا تزال معظم وعود محمد بن سلمان البراقة، بما فيها المشروعات العمرانية المستقبلية العملاقة، غير مكتملة. ومع ذلك، بدأت التجربة السعودية مؤخرا عملية إعادة توجيه للاقتصاد، إذ أدركت قيادة البلاد أن نموذج المملكة القديم، المعتمد بالأساس على دولة رفاه قائمة على أموال النفط والفصل الصارم بين الجنسين، لم يعد قابلا للاستمرار.

نتج عن هذا الإدراك نهج اقتصادي لا يعتمد على النزعة المستقبلية الجذابة، بل على مجموعة سياسات أكثر تقليدية وتكنوقراطية. فبدلا من عمليات التحديث الساعية لحشد الدعاية، يعتمد نموذج الرياض الجديد اعتمادا كبيرا على تعزيز السوق المحلية، والهدف هو تشجيع الاستهلاك الذي تُغذيه الديون، وخفض سقف ما يتوقَّعه المواطنون من الدولة. ويسعى القادة السعوديون إلى تأسيس اقتصاد يُحرِّكه قطاع الخدمات، وخلق نزعة استهلاكية على الطريقة الأميركية، ويُعَدُّ الاتجاه الجذري لدى الدولة نحو خفض النفقات العامة وبيع الأصول والصمود أمام موجة انخفاض الطلب العالمي على النفط تجليات لهذا التحوُّل. ورغم جائحة “كوفيد-19″، وعامين من تذبذب أسعار النفط، استطاعت الحكومة الالتزام بهذه السياسة المالية المنضبطة إلى حدٍّ بعيد، وهي سياسة تُعِدُّ المملكةَ لمواجهة التحديات الاقتصادية في المستقبل.

سياسة حكومية جديدة

يصعُب علينا أحيانا التعرف على ملامح السياسات الاقتصادية السعودية الجديدة، إذ تظل المملكة معتمدة على النفط اعتمادا كبيرا، حيث شكَّل صافي صادرات النفط والغاز 70% تقريبا من إجمالي صادرات البلاد عام 2020. وفي الوقت نفسه، شكَّل إجمالي الصادرات 26% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، ما يُشير إلى الإمكانيات الكامنة في السعودية صاحبة أكبر سوق محلي مُستهلِك في الخليج. هذا وانكمشت النسبة التي تُشكِّلها عائدات النفط والغاز في الموازنة الكلية للحكومة من 64% عام 2016 إلى 53% عام 2020.

علاوة على ذلك، حثَّت جائحة “كوفيد-19” الحكومة على إيجاد طرق مستجدة لتوليد العائدات وتقليل النفقات. ففي استجابة لانهيار أسعار النفط في ربيع عام 2020، والتحوُّل العالمي طويل الأمد للابتعاد عن الوقود الأحفوري، أدرك صُنَّاع القرار السعوديون حاجتهم إلى توجيه الاقتصاد في اتجاه جديد، وقد رفعت الرياض ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% في صيف عام 2020 جزءا من هذه الجهود، وهو ما أنعش العائدات غير النفطية بنسبة تفوق 30% في الأشهر التسعة الأولى من عام 2021. وحاليا، تدرُّ ضرائب السلع والخدمات 70 مليار ريال سعودي تقريبا، أي ما يعادل نصف عائدات النفط. وبالمقارنة، فقد تقلَّص إنفاق الحكومة على مشروعات البنية التحتية الكبرى تقلُّصا حادا.

يتوسَّع أيضا القطاع الخاص السعودي، حتى وإن كانت أُسسه ضعيفة. فبعد تقلُّص دام سبعة أرباع سنوات متتالية، بدأ الاقتصاد أخيرا ينمو من جديد في الربع الثاني من عام 2021، إذ ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.5%، كما ارتفع نمو القطاع الخاص خارج قطاع النفط بنسبة 7.5% في النصف الأول من العام ذاته. ويعود هذا التوسُّع جزئيا إلى محاولات الحكومة تحويل خدمات اجتماعية مثل الرعاية الصحية والتعليم نحو القطاع الخاص. وينفق السعوديون حاليا على الرعاية الصحية من جيبهم الخاص أكثر من معظم جيرانهم في دول الخليج، فبحسب بيانات البنك الدولي لعام 2018، تُغطي الحكومة السعودية نحو 60% من نفقات الرعاية الصحية، وهي نسبة منخفضة بمعايير الخليج.

امتدَّت سياسة شد الحزام الحكومية إلى القطاع العام والإنفاق العسكري. ورغم الجائحة، انخفض الإنفاق على أجور القطاع العام من مستوى مرتفع يصل إلى 510 مليار ريال بنهاية عام 2019 إلى نحو 490 مليار ريال بنهاية 2021. وبالنسبة إلى الإنفاق العسكري، فقد انخفض من 540 مليار ريال عام 2019 إلى 440 مليار ريال بنهاية عام 2021، ويشي ذلك بأن نزع فتيل الحرب التدريجي في اليمن الحادث مؤخرا له منطق مالي لا سياسي وعسكري فقط.

في سياق منفصل، بدأت النساء تتولَّى أدوارا جديدة في سوق العمل، في ظل تحسين سهولة الوصول إلى الحراك الاقتصادي في أنحاء البلاد. وتعمل الآن 25% من السعوديات في سوق العمل، مقارنة بـ15% فقط عام 2018، وهناك اتجاهات مماثلة بين الشرائح السكانية الأخرى، حيث تبلغ نسبة مشاركة الرجال في سوق العمل من الفئة العمرية بين 20-24 عاما 55%، مقارنة بـ40% في 2018. ورغم استمرار البطالة بين الباحثين عن الوظائف -11% تقريبا- يبحث المزيد من السعوديين عن عمل الآن أكثر مما كانوا عليه قبل إصلاحات “رؤية 2030”. وتأتي هذه الأرقام نتيجة جزئية لجهود الحكومة كي تستبدل المواطنين السعوديين بالعمالة الوافدة، مع تكريس وظائف بعينها لتكون حكرا على المواطنين فقط. ورغم اقترانها بالجائحة، فقد نجحت مثل هذه البرامج في تطوير القوى العاملة، إذ غادر المملكة، منذ أوائل عام 2020، نحو 600 ألف عامل أجنبي.

أخيرا، ونتيجة لتشجيع الحكومة، يقترض السعوديون المال الآن للحفاظ على نمط حياتهم بدلا من الاعتماد على إعانات الدولة، وفي نهاية المطاف، فإن بضعا من أهداف “رؤية المملكة 2030” تتضمَّن تسهيل الحصول على القروض العقارية، وتطوير قطاع خدمات مالية أيسر يحث المواطنين على الاستثمار المحلي، وزيادة عدد الشركات المدرجة في البورصة المحلية. وقد اقتنص السعوديون الفرصة، إذ باعت البنوك السعودية قروضا عقارية جديدة برقم قياسي يصل إلى 46.7 مليار ريال في الربع الأول من 2021، وهو رقم أعلى مما سجَّلته في العام السابق الذي بلغ 31.2 مليار ريال. كما تتوقَّع وكالة التصنيف الائتماني الأميركية، “ستاندرد آند بورز”، زيادة سوق القروض العقارية السعودية بنسبة 30% سنويا خلال العامين المقبلين.

قد تكون الخطوة المقبلة للحكومة، التي طال انتظارها، هي خصخصة الشركة السعودية للكهرباء، بالإضافة إلى محاولات توليد 30% على الأقل من احتياجات طاقة البلاد المحلية بواسطة الطاقة الشمسية ومصادر الطاقة المتجددة. وإذا حدث مثل هذا التحوُّل، فستشهد المملكة على الأرجح ارتفاعا في عدد منتجي الطاقة المستقلين، مع سوق أكثر تنافسية لشتى أنواع الطاقة المتجددة. ورغم صعوبة مثل هذه التطورات على السعوديين الذين اعتادوا أسعار الطاقة المنخفضة، فإنها ستساعد البلاد في تحقيق هدفها بتصفير الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2060. وبالفعل، يتجهَّز المواطنون والمقيمون على السواء لهذا التحوُّل، بسبب قيام الحكومة مؤخرا بخفض الدعم على المرافق والمحروقات.

تقليص دور الدولة

بأخذ كل ما سبق في الاعتبار، تُمثِّل هذه السياسات المتباينة تحوُّلا كبيرا في الاقتصاد السياسي السعودي. فعن طريق تنمية مصادر جديدة للدخل وفصل الإنفاق عن تقلُّبات أسعار النفط، تُرسي الرياض قواعد جديدة لسياسة مالية محافظة في الخليج.

ومع ذلك، لن يمر تحوُّل بهذا الحجم دون معارضة، وقد ذكرت عام 2016 أن هناك تحدِّييْن قد يُشكِّلان عثرة في طريق “رؤية 2030”. أولهما احتمالية تعثُّر الإصلاحات بفعل تعنُّت البيروقراطية السعودية، والمصالح الراسخة للأسرة الحاكمة والنخب المرتبطة بها. وثانيهما احتمالية أن يكون نموذج الخليج للتطوير العقاري والممتلكات، الذي يركِّز على الإسكان والسياحة، غير فعَّال في المملكة، فالرياض ليست دبي. وقد استطاعت حملة محمد بن سلمان التطهيرية ضد الفساد عام 2017، وحملته المستمرة لقمع المعارضة السياسية، إسكات أي معارضة داخلية للإصلاحات الاقتصادية. ومع أن التحدي الثاني لا يزال قائما، فإنه أصبح أقل أهمية، فلا تحتاج السعودية إلى اقتفاء آثار جيرانها الأصغر في الخليج، لأنها تملك ميزة الحجم والسوق المحلية المتنامية.

بيد أن عددا من التحديات المستجدة تلوح في الأفق اليوم. ففي حين تحتوي المملكة اليوم على نسبة من السكان من الشباب التواقين للإصلاحات الاجتماعية، والمستعدين للاقتراض والعمل بنشاط لتلبية توقُّعات نمط حياته، فإن هذه الفئة ستبدأ، بعد عشر سنوات من الآن، في إعادة حساباتها في ظل الأعباء الاقتصادية لمرحلة منتصف العمر، بما فيها تكاليف الرعاية الصحية المرتفعة، ونفقات تعليم الأطفال، والوفاء بالتزامات الديون. ورغم انخفاض احتمالية تظاهر سكان مسنين في الشوارع، تنخفض أيضا فرص قيامهم بالابتكار والمخاطرة من أجل إنشاء شركات خاصة جديدة. ومن ثمَّ فإن الفرصة ضئيلة أمام السعودية لإحداث التحوُّل المرجوِّ في اقتصادها.

على الرغم من تلك المخاطر، تعلَّم النظام السعودي وتكيَّف بطرق مذهلة خلال السنوات الخمس الماضية. فقد اجتاز محمد بن سلمان فترة استقراره في الحكم، وهو يُحكِم قبضته الآن على الدولة، حتى إنه يشعر بالراحة إلى الحد الذي جعله يُسند بعض أمور السلطة فيما يخص الاقتصاد والطاقة إلى آخرين. وقد حافظت البلاد على سياسة مالية منضبطة وتقليدية في مواجهة الضغوط الهائلة لتوسيع الإنفاق الاجتماعي، وهذه ببساطة لمحات من نموذج الاقتصاد السعودي الجديد.

______________________________________________

ترجمة: هدير عبد العظيم

هذا التقرير مترجم عن Foreign Affairs ولا يعبر بالضرورة عن موقع ميدان.

تحوُّل اقتصادي في السعودية.. هل بدأت رؤية 2030 تؤتي ثمارها؟ – الجزيرة نت
أقراء أيضا
افضل 40 تطبيق أندرويد مجانا بأداء خرافي


المصدر : منتوف ومواقع انترنت 👇 تحوُّل اقتصادي في السعودية.. هل بدأت رؤية 2030 تؤتي ثمارها؟ – الجزيرة نت

تحوُّل اقتصادي في السعودية.. هل بدأت رؤية 2030 تؤتي ثمارها؟ – الجزيرة نت